تبريره أو إخفاءه أنّه ضلال مبين ، لأنّ القياس باطل تماما بين الله وخلقه. أليس كذلك؟ فكيف يمكن للإنسان أن يزعم أنّ من خلقه الله بقادر على إنقاذه من غضبة ربّه الخالق الجبّار؟!
[٣٣] والعذاب الأدنى في هذه الحياة شاهد صدق على العذاب الأكبر في الآخرة ، أوّلا : لأنّه ينسف بنى التبرير ، والتشبّث بالأعذار ، والغرور بنعم الله ، والإعتقاد بأنّ الله لا يعذّب أحدا ، كلّا .. أو ليس قد عذّب عادا الأولى ، وثمود فما أبقى؟ ، وثانيا : لأنّه يرينا صورة واضحة عن شدّة عذاب الله ، فإذا كان العذاب الأدنى ريحا تدمّر كلّ شيء بإذن ربّها فكيف بالعذاب الأكبر؟! إذا فإنّ ما أنذر به المرسلون من عظيم العقاب في اليوم الآخر حق لا ريب فيه ، ثالثا : حينما نشهد عذاب الله للأمم الغابرة تلين القلوب ، وتستعد لتقبّل المواعظ الربّانية ، وكانت من قبل سادرة في غفلتها ، محجوبة بغرورها وبانشغالها بالشهوات العاجلة والأماني والأحلام ، لذلك كانت تلجأ إلى كهف التكذيب بالآخرة ، واختلاق الشبهات حولها ، فرارا من ثقل المسؤولية ، ومسارعة في اللّذات ، ومضيّا مع الشهوات حتى الثمالة.
وأكثر الشبهات شيوعا عندهم ما قالوا : كيف يعيد الله هذه الأعظم البالية وقد أضحت رميما تذروه الرياح؟! وكيف يحيي الله الموتى وقد فسد نظام أجسادهم ، وماتت خلايا المخّ عندهم ، ولم نر أحدا منهم عاد إلى الحياة أبدا؟!
وهذه الشبهة تافهة جدّا ، إلّا أنّها تستمد قوّتها من عزم البشر على التهرّب من الإيمان بالآخرة خشية تحمّل مسئولياته الثقيلة ، ولو لا ذلك فإنّها تتلاشى كما يتلاشى ظلام الليل حينما ينبلج فجر الحقيقة ، بشرط ألّا يحتجب الإنسان عنه بغشاوة الشهوات ، دعنا نستمع إلى القرآن وهو يبدّد هذه الشبهة بتساؤل يمسّ أوتار