وقدرة الله تنبسط على الخليقة ، حتى لا تدع شيئا يتصوّره البشر إلّا وقد خلقه ربّنا ، وأكمل خلقه ، وخلق له صنوفا وأنواعا. سبحان ربّنا وتعالى!
[٣٤] وما عسى أن ينفع التكذيب؟ هل يذهب نور الشمس لو احتجبت عنه؟! هل يدرأ خطر الموت عن نفسه من يكذّب به ، أم أنّه بتكذيبه يقرّبه إلى نفسه أكثر فأكثر؟! هكذا من يكذّب بالآخرة لا يدرأ عن نفسه عذابها ، بل يزداد إثما بتكذيبه واستحقاقا للعذاب أكثر فأكثر.
وحين يحس جحدة البعث بحرارة النار ، ويرون بأمّ أعينهم جبالا من اللهب الذي يتميّز من الغيظ في جهنّم حتى لكاد قلوبهم تنخلع من شهيقها وزفيرها ، يومئذ يؤمنون بالعذاب ، ولكن بعد فوات الأوان.
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)
إنّها عاقبة من كفر بالعذاب ، وجحد بالبعث ، وتساءل مستنكرا : كيف يحيي الله الموتى؟!
حقّا : مجرّد تصوّر تلك اللحظة التي يأتي الله بالكفّار ليشهدوا جهنّم ونيرانها الملتهبة يكفي للتصديق بها. أو تدري لماذا؟ لأنّ أساس الكفر بالآخرة قائم على الغفلة ، والاسترسال مع الهوى ، والاستهزاء بالحق ، فيكون تصوّر هذا العذاب المهيب كافيا لزعزعة أساس الكفر ، وتنبيه الإنسان إلى ضرورة التفكّر الجدّي ، وإيقاف استرساله الخطير مع الشهوات ، وبالتالي إسقاط حجب الغرور عن عينه ليرى بها الحقائق مباشرة.