كما أنّهم حين صدّوا عن سبيل الله ، وقاوموا الرسالات الإلهية وامتداداتها ، فشلوا وذهبت مساعيهم سدى ، وهل ينفع سعي من أراد حجب ضوء الشمس بيده؟!
[٢] أمّا الذين آمنوا بالله ، وآمنوا بكلّ تلك السنن الماضية في الكائنات والقيم المنبعثة منها ، فإنّهم اختاروا الإطار المناسب لعملهم ، وبالتالي وفّروا الضمانة المناسبة لبقاء أعمالهم ، كمن يبني في الصحراء سورا منيعا يحفظ أرضه من الرياح السافيات والعواصف الهوج ثمّ يزرع ما يشاء.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)
ضمن إطار الإيمان ، وعلى أساسه ، وانطلاقا من قيمه.
(وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ)
الرسول الذي أكمل الله به رسالاته ، فلم يفسدوا قلوبهم بالعصبية والحقد والعداء للرسول والتكبّر عليه.
وتشير الآية إلى ضرورة الإيمان بالنبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله) بصورة كاملة ، فمن يزعم بأنّه نبي العرب دون غيرهم ، أو أنّه قائد بشري لا يتميّز بالعصمة الإلهية ، أو أنّه قد ينطق عن الهوى ، أو يهجر حسب الظروف ، أو ما أشبه ، فإنّه لم يؤمن حقّا بمحمّد (صلّى الله عليه وآله) ، وقد قال الله سبحانه : «ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (١) ، وقال : «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ، وقال : «وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ».
__________________
(١) الحشر / (٧).