جملة نعوته الحسنة أو السيئة ، ممّا تستصحب على من يشابهه فيها ، وهي في مقابل الذات ، والذّات لا تهمّنا (لأنّ الناس في الذات لا يختلفون) ، إنّما يهمّنا الصفات التي تحيط بهذه الذات ، وهي مثالهم.
وحين يعطينا القرآن مقياس الحق والباطل فإنّه يبيّن لنا أمثال الناس ، وجملة صفاتهم ، والتي بها نستطيع أن نعرف كيف نتصرّف مع هذا وذاك ، فمن اتبع الحق واليناه ، لأنّه (مثل حسن) ، ومن اتبع الباطل عاديناه ، لأنّه (مثل سيء).
[٤] ولأنّ هنالك مثالين : مثال الحق المتجسّد في المؤمنين ، ومثال الباطل المتجسّد في الكفّار ، فإنّ الصراع قائم بينهما ، ويتحوّل إلى قتال ، وعلى المؤمنين أن يستعدّوا نفسيّا للمواجهة.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)
اللقاء هنا هو لقاء المواجهة الدامية ، ولا يعني ـ فيما يبدو من سياق الكلمة في سائر الآيات ـ أيّ لقاء بين مؤمن وكافر.
وضرب الرقاب : تعبير عن أشدّ أنواع القتل وأوضح صوره ، وبه يتجلّى الغضب المقدّس الذي تمتلأ به روح المؤمن المخلص للحق.
وقالوا : معناه : اضربوا ضرب الرقاب.
ولعلّ الكلمة توحي بضرورة حسم المعركة بأقوى الأسلحة ، ممّا تسمّى بالحرب الصاعقة التي عادة تقلّل من الخسائر في الطرفين ، بعكس حرب الاستنزاف التي قد تكون وبالا على الطرفين.
ولعلّ الحرب الصاعقة هي المرادة أيضا من آيات أخرى في الكتاب ، كقوله