وصلاح بال من هم في خطّهم وعلى خطاهم من أنصارهم ومن تجري فيهم شفاعتهم) حيث هم أحياء عند ربّهم يرزقون.
وهكذا نستوحي من الآية أنّ المعني بها ليس فقط الشهداء أنفسهم ، بل أمّتهم أيضا وليس في الآخرة فحسب ، بل في الدنيا أيضا ، أو ليست الآخرة امتدادا للدنيا ، وهما بالتالي حياة واحدة أوّلها هنا وآخرها هناك؟
وإنّنا نجد في النصوص الإسلامية التي وردت في فضل الجهاد توضيحا لهذه الشمولية (للدنيا والآخرة) ، لأنّ المجاهدين كلمة تعمّ الشهداء منهم والأحياء المنتظرين للشهادة ، كما قال ربّنا سبحانه : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً». (١)
[٦] (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ)
تلك الجنة التي طالما اشتاقوا إليها بما عرّفها ربّهم لهم ، وربما شاهد كلّ واحد منهم منزله في الجنة قبل خروج روحه لينتقلوا إلى الدار الآخرة بكلّ رضا وطمأنينة ، فقد جاء في حديث مفصّل مأثور عن أمير المؤمنين عن النبي (صلّى الله عليه وآله):
وإذا زال الشهيد عن فرسه بطعنة أو ضربة لم يصل إلى الأرض حتى يبعث الله عزّ وجلّ زوجته من الحور العين فتبشّره بما أعدّ الله له من الكرامة ، فإذا وصل إلى الأرض تقول له : مرحبا بالروح الطيّبة التي أخرجت من البدن الطيب. أبشر فإنّ لك ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
ويقول الله عزّ وجل : أنا خليفته في أهله ، ومن أرضاهم فقد أرضاني ، ومن أسخطهم فقد أسخطني ، ويجعل الله روحه في حواصل طير خضر تسرح في الجنّة
__________________
(١) الأحزاب / (٢٣).