وثبات القدم هو التأييد الربّانيّ الأسمى ، لأنّ هزيمة النفس أنكر هزيمة ، والحرب صراع إرادات قبل أن تون مقارعة الأسلحة ، ومن كان أكثر صبرا ، وأمضى إرادة ، وأعظم ثباتا ، فإنّه يكون أقرب إلى النصر.
وصراع الإنسان مع هوى نفسه أعظم من صراعه مع أعدائه. ألم تكن مخالفة الهوى هي الجهاد الأكبر؟ والله سبحانه قد وعد المؤمنين بأن يعينهم في جهادهم مع أنفسهم إن هم نصروا دينه وجاهدوا أعداءه ، وهذه أعظم نعمة من نصرهم على عدوّهم الظاهر.
والواقع : إنّ سنّة الله قد قضت بأنّ القيم والشرائع التي أريقت الدماء من أجل تكريسها أشدّ ثباتا في النفوس وفي المجتمع من غيرها ، وهكذا في كلّ أمر ، فكل مكسب حصلت عليه بصعوبة لا بد أن تتشبّث به بشدة ، أمّا الذي ملك البلاد بغير حرب فإنّه يهون عليه تسليم البلاد.
[٨] أمّا الكفر الذي يتشعّب إلى شعب ، فمنه الكفر بالله ، ومنه الكفر بالرسول ، ومنه الكفر ببعض ما أرسل به كالجهاد في سبيل الله ، فإنّه يؤدّي إلى زلزلة الموقف ، وضياع الجهد.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ)
قالوا : التعس هو الوقوع على الوجه ، وكأنّه تعبير عمّا يقابل ثبات القدم.
(وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)
حتى الذي يبدو صالحا من أعمالهم ، لأنّه لم يكن على الطريق السوي.
[٩] ما هو سبب كفرهم وهلاكهم؟ إنّ جذر ذلك كرههم لرسالة الله المنبعث