من كبرهم وتعصبهم وتقليدهم لآبائهم ، فاتخذوا موقفا سلبيّا من الرسالة.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ)
وبالذات فيما يخالف هواهم ، أو يعارض مصالحهم كالسياسة والإقتصاد.
(فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ)
فإذا لم يسلّموا لولاية الله في السياسة والإقتصاد وسائر الأمور الأساسية لم تنفعهم صلاتهم وصدقاتهم ، لأنّها لم تكن ضمن الإطار الصحيح ، وكان مثلهم كالذي زرع في غير أرضه أو سعى بغير هدى أو سار على غير طريقه.
إنّ عشرات السنين من الجهد قد تذهب بها ساعة من التهوّر أو الجبن أو اتباع الشهوة ، كالذي يبني أعظم عمارة فوق أرض رملية! أرأيت كيف يقود طاغية مهووس بالسلطة باحث عن الكبرياء في الأرض شعبه الذي سلّم له خوفا وطمعا في حرب طاحنة ، تهدم البلاد ، وتقتل الملايين ، وتضيع مساعي عشرات السنين في بضعة أيّام؟ أو ما سمعت ما حدث في ألمانيا على عهد الطاغية هتلر ، وكيف أنّهم بخضوعهم لذلك الديكتاتور أحبطت أعمالهم ، وتلاشت جهودهم؟
وكم من مثل يتجلّى لنا في صفحات التاريخ لهذه المعادلة.
وليس الإقتصاد الفاسد بأقل خطرا من السياسة الفاسدة ، فإنّ الاستغلال قد بذهب بمكاسب الملايين من البشر ، ولا يدعهم يستفيدون من مكاسبهم. أليس من الحكمة أن يصلحوا اقتصادهم حتى لا تحبط أعمالهم ، ولا تذهب جهودهم سدى؟
قالوا : إنّ الجسم الذي يبتلى بالطفيليّات لا تنفعه المقوّيات ، إذ أنّها بدل أن تقوّي الجسد تقوّي عدوّه المتمثّل في الطفيليّات ، وكذلك الإقتصاد المبتلى بالمستغلّين