ويبدو من قوله سبحانه «وَشَاقُّوا الرَّسُولَ» وقوله سبحانه «مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى» ان هذا الفريق هم من المنافقين الذين فضحتهم الأوامر بالقتال ، وزعموا أن شقهم عصى الطاعة يفت في عضد الرسول بينما الواقع هو انهم هم الذين خسروا أعمالهم الصالحة التي قاموا بها ، فاحبطها الله حيث لم يستقيموا على الصراط ، ولا يجوز أن يمنوا بها على الرسول ، لأنهم أبطلوها بخيانتهم للقيادة في الوقت الحرج.
وقال أكثر المفسرين إن المعني بهذه الآية هم كفار مكة أو يهود المدينة ، لأنهم صدّوا عن سبيل الله بمحاربة الإسلام. وفسروا قوله تعالى «مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى» بوضوح الحجج الالهية عموما للناس الشاهدة على صدق الرسول. ولكني أرجح التفسير الأول لموافقته للظاهر من الآية حيث يظهر من هذه الكلمة انه قد تبين لهم الهدى فاهتدوا بالرسالة ردحا من الزمان ، كما إن هذا التفسير متوافق مع السياق القرآني الذي يحدثنا عن الموقف من القيادة الشرعية.
[٣٣] ويعود القرآن يؤكد ضرورة الطاعة للرسول وينذر المؤمنين بأن شقاقهم عنه يبطل أعمالهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)
فالآية هذه هي العبرة الواعظة التي لا بد أن يعيها المؤمنون من عاقبة من سقط في الامتحان فارتد عن دينه وشاق الرسول. وهذا الأمر ينسحب على كل ولاية الهية في كل عصر. فقد جاء في الحديث عن الامام جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «حدثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله انه قال : من علم انه لا إله إلا أنا وحدي ، وأن محمّدا عبدي ورسولي ، وأن علي بن أبي طالب خليفتي ، وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ، ونجيته من النار بعفوي ، وأبحت له جواري ، وأوجبت له