[٣٥] إن صلابة الجبهة الداخلية شرط أساسي للانتصار ، وينعطف السياق نحو المؤمنين فيأمرهم ـ بعد الطاعة ـ بمقاومة إغراءات السلام ، بعد تراكم الصعوبات ، ذلك السلام الذي يعني الاستسلام والصغار.
(فَلا تَهِنُوا)
لا تخشو الهزيمة ، ولا تهابوا العدو وإن كان أكثر منكم عدة وعددا.
(وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ)
فلا تكونوا أول من يدعوا الى الصلح من الفريقين المتحاربين ، خشية الموت والهزيمة.
(وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)
فما دمتم مؤمنين ، فأنتم الأعلون بقيامكم وقدراتكم ، لأن الايمان بصيرة وقوة ، بصيرة لما يوفره فينا من منهجية عقلية ، ورؤية حياتية ، وقوة بما يلهمه من عزم في الارادة ، وتلاحم في الصفوف ، ووله في الشهادة ، واستقامة وصبر في المكاره.
والسؤال : أي صلح هذا الذي نهى عنه القرآن ، بينما يقول ربنا سبحانه : «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ»؟ فهل هذه ناسخة أم تلك؟
يبدو ان هذه الآية نهت عن الدعوة الى الصلح القائم على أساس الوهن ، لأنها تستتبع الذل والهزيمة ، وهي بالتالي استسلام للعدو .. بينما أمرت الآية الأخرى بقبول الصلح الذي يدعو اليه العدو لوهن أصابه وضعف ، وكلا الأمرين يخدمان بالتالي القيم الرسالية .. ففي الوقت الذي يكون الصلح لمصلحة الإسلام وقوته وغلبته وتأتي الدعوة اليه من العدو لا بد من قبوله ، بينما لا ينبغي المبادرة من قبل