المسلمين الى الدعوة اليه انطلاقا من الاحساس بالوهن والضعف. ولذلك جاء في الحديث المأثور عن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر انه قال : «ولا تدفعن صلحا دعاك اليه عدوك ولله فيه رضا». (١)
(وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ)
قالوا : معناه لن يؤدكم من دون أعمالكم ، لأن الوتر بمعنى الإفراد ، وإنما سمي الذي قتل منه أحد موتور ، لأنه بقي مفردا من دونه. وهكذا ضمن الله حفظ أعمال المؤمنين ، كما أوعد الكفار بحبط أعمالهم ، فكلّما بذله المسلمون في طريق تقدم الرسالة يحفظه الله ويجعله مفيدا.
ينبغي إذا ألّا نستعجل النتائج ، وأن نصبر في المواجهة ، حتى يأتي النصر. ولنعلم ان النصر آت ، وكل آت قريب ، وقد لا نراه نحن وإنما يقطف ثماره أبناؤنا. وزينب بنت علي (عليهما السلام) ضربت أروع الأمثلة في التحلي بهذه البصيرة ، فلقد كانت تتذكر حين شدة البلاء ، وتراكم المصائب والآلام ، هذه الحقيقة إن الله لا يضيع جهود المجاهدين. فلقد ألقت نظرة على مصارع إخوتها وأبنائها وأصحاب الرسالة ، وقالت مخاطبة الامام علي بن الحسين (عليهما السلام) ابن أخيها : «مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وإخوتي ، فو الله إن هذا لعهد من الله الى جدك وأبيك ، ولقد أخذ الله ميثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض ، وهم معروفون في أهل السموات ، انهم يجمعون هذه الأعضاء المقطعة ، والجسوم المضرجة ، فيوارونها ، وينصبون بهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء ، لا يدرس أثره ، ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام ، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وطمسه ، فلا يزداد أثره الا علوا» (٢) وكذلك حين خاطبت يزيد الحاكم
__________________
(١) تفسير نمونه نقلا عن نهج البلاغة الرسالة رقم (٥٣).
(٢) كامل الزيارات : ص (٢٦١).