وهو ينصر المؤمنين ، إمّا عن طريق تثبيتهم وتقوية عزائمهم بانزال السكينة في قلوبهم ، وإمّا عن طريق جنود من عنده مباشرة كالملائكة والظواهر التي تقوم الملائكة بتدبيرها.
(وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
فهو لا ينصر المؤمنين أو يبعث السكينة في قلوبهم ويزيدهم إيمانا إلّا بحكمة بالغة ، ولو أنّهم لم يجاهدوا لما حصلوا على كلّ ذلك.
[٥] وهدف المؤمنين من الانتصار والفتح يجب أن لا يكون إسقاط الحكم الفاسد واغتنام الأنفال ، أو أن يتحوّلوا من حركة إلهية الى حركة ثقافية مترفة ، أو حركة سياسية متقلّبة ، إنّما الهدف الأسمى من ذلك هو دخولهم الجنة ، كما يقول تعالى :
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً)
إذن فالهدف الأسمى ليس النصر أو الفتح ، والقرآن يعبّر عن هذه الفكرة في سورة الصف بصيغة أخرى إذ يقول : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ» (١).
[٦] وكما أنّ جزاء المؤمنين الحقيقي ليس هو انتصارهم على عدوّهم ، فإنّ
__________________
(١) الصف / ١٠ ـ ١٣