يحدّون إليه النظر تعظيما له ، قال : فرجع عروة الى أصحابه وقال : أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكا قطّ يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّدا ، إذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون إليه النظر تعظيما له ، وإنّه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوها ، فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقال : ائته ، فلمّا أشرف عليهم قال رسول الله (ص): «هذا فلان وهو من قوم يعظّمون البدن فابعثوها» فبعثت له ، واستقبله القوم يلبّون ، فلمّا رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدّوا عن البيت ، فقام رجل منهم يقال له : مكرز بن حفص فقال : دعوني آته : فقالوا : ائته ، فلمّا أشرف عليهم قال النبي (ص) : «هذا مكرز وهو رجل فاجر» ، فجعل يكلّم النبي (ص) فبينما هو يكلّمه إذ جاء سهيل بن عمرو فقال (ص) : قد سهّل الله عليكم أمركم ، فقال : أكتب بيننا وبينك كتابا ، فدعا رسول الله (ص) عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال له : «أكتب : بسم الله الرّحمن الرّحيم» فقال سهيل : أمّا الرحمن فو الله ما أدري ما هو ، ولكن أكتب : باسمك اللهم ، فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلّا بسم الله الرّحمن الرّحيم ، فقال النبي (ص) : «أكتب : باسمك اللهم ، هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله (ص)» فقال سهيل : لو كنّا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن أكتب : محمّد بن عبد الله ، فقال النبي (ص) : إنّى لرسول الله وإن كذّبتموني ثم قال لعليّ (عليه السّلام): «أمح : رسول الله» فقال : «يا رسول الله إنّ يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة» ، فأخذه رسول الله (ص) فمحاه ، ثم قال : «أكتب : هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، واصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين ، يأمن فيهنّ الناس ، ويكفّ بعضهم عن بعض ، وعلى أنّه من قدم مكة من أصحاب محمّد حاجّا أو معتمرا أو يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله ،