ومن قدم المدينة من قريش مجتازا الى مصر أو الشام فهو آمن على دمه وماله ، فإنّ بيننا عيبة مكفوفة ، وانّه لا إسلال ولا إغلال ، وانّه من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه ، ومن أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه» (١)
وفي رواية أخرى : وكتبه عليّ بن أبي طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار ثم قال رسول الله (ص) : يا علي إنّك أبيت أن تمحو اسمي من النبوة ، فو الذي بعثني بالحق نبيّا لتجيبنّ أبناءهم الى مثلها وأنت مضيض مضطهد (أي أنّك سوف تتعرّض لمثل هذه الضغوط ، وسوف تتنازل عن حقوقك وواجباتك الظاهرية ، ولكن لله) فلمّا كان يوم صفّين ، ورضوا بالحكمين ، كتب : هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) ومعاوية ابن أبي سفيان ، فقال عمرو بن العاص : لو عملنا أنّك أمير المؤمنين ما حاربناك ، ولكن أكتب : هذا ما اصطلح عليه عليّ ابن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان ، فقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : صدق الله وصدق رسوله. أخبرني رسول الله (ص) بذلك ثم كتب الكتاب (٢)
وعن محمّد بن كعب قال : ثم رجع رسول الله (ص) الى المدينة فجاءه أبو بصير (رجل من قريش وهو مسلم) وهذا يبيّن أنّ الصلح صار سببا لانتشار الإسلام بين الناس ، وهنا فكرة نستفيدها من عموم حديث الحديبية وهي : إنّ الثورة الحقيقيّة تستفيد من كلّ الظروف في سبيل تقدّمها ، لأنّها تعتمد على جوهر التقدّم ، وهو إرادة الإنسان وتصميمه على الحركة ، فمن ظروف السلم تستفيد خطّة لبناء كوادرها وترتيب أوراقها ، ومن ظروف الحرب تستفيد خطّة لنشر أفكارها
__________________
(١) بح ، ج ٣١ ص ٣٣٤
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٥٣