والاعلام الجماهيري المركّز ، فإذا ما استشهد أحد أبنائها في الحرب رفعته علما في كلّ أفق ، وإذا بقي حيّا استفادت من كلّ أبعاد وجوده.
وحيث وقّع رسولنا الأكرم (ص) مع قريش بنود الصلح التزم بها لكي يستفيد من فترة السلم بينه وبينهم في بناء حركته وإعدادها إعدادا قويّا لمواجهة المتغيّرات والظروف المختلفة ، لهذا كان يرفض أيّ عمل أو قرار ينتهي الى إشعال الحرب ، لأنّه يخسره مكتسبات ظروف السلم ، وحيث سمعت قريش عن رجل يسمّى أبو بصير لحق بالنبي (ص) أرسلت في طلبه رجلين ، فقالوا للرسول (ص):
العهد الذي جعلت لنا؟ فدفعه الى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين ، إنّي لأرى سيفك هذا جيّدا ، فاستلّه وقال : أجل إنّه لجيّد وجرّبت به ثمّ جرّبت ، فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه؟ فأمكنه منه فضربه به حتى برد ، وفرّ الآخر حتى بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو ، فقال رسول الله (ص) حين رآه : «لقد رأى هذا ذعرا» فلما انتهى النبي (ص) قال : قتل والله صاحبي وإنّي لمقتول ، قال : فجاء أبو بصير فقال : يا نبيّ الله! قد أوفى الله ذمّتك ، ورددتني إليهم ، ثمّ أنجاني الله منهم ، فقال النبي (ص) : «ويل أمّه مسعر حرب لو كان له أحد» فلمّا سمع ذلك عرف أنّه سيردّه إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، وانفلت منهم ابو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير ، فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلّا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت عليه عصابة ، قال : فو الله لا يسمعون بعير لقريش قد خرجت الى الشام إلّا اعترضوا لها فقتلوهم ، وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش الى النبي (ص) تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه منهم فهو آمن ، فأرسل (ص) إليهم فأتوه (١)
__________________
(١) بح / ج ٢٠ ص ٣٣٥