ومع ورود هذه الآية في سياق الحديث عن صلح الحديبية إلّا أنّها تشير كما يبدو إلى فتح المسلمين عسكريّا لمكّة المكرمة.
[٢٥] ولكن لماذا كف الله أيدي المؤمنين عن المشركين ، ولم يأمرهم بقتالهم؟ هل لأنّهم طيّبون؟ أو لأنّ لهم فضلا وسابقة حسنة معهم؟ بالطبع كلّا .. وتشهد على ذلك عقائدهم المنحرفة وأعمالهم السيئة تجاه أتباع الرسالة.
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)
لقد منعوا المؤمنين من حجّ بيت الله بالرغم من تهيئهم التام لذلك ، وكان ذلك من أبشع الجرائم في عرف العرب يومئذ ، لقد فضح ذلك قريشا التي كانت تفتخر على سائر العرب بأنّها حامية البيت الحرام ، وحافظة حرمة الوافدين إليه.
ماذا بقيت لقريش من شرعية السيادة على العرب بعد أن منعت الحجّاج وصدّتهم عن إقامة الشعائر التي كانت العرب تقدّسها؟
هكذا كشف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن زيف ادّعاءات قريش ، وأسقطها سياسيّا عن كرسي سيادة العرب تمهيدا لا سقاطها عسكريّا فيما بعد.
ثم إنّ جريمة قريش كانت كبيرة ، إذ كيف يمنع المشرفون على البيت ، والمدّعون خدمة الوافدين عليه الناس من ممارسة شعائرهم؟! أوّلا يستحق هؤلاء القتل والعذاب بعد ظفر المسلمين بهم؟ نعم. ولكنّ الله حجز المؤمنين عن أذاهم لوجود المؤمنين بينهم ، سواء المؤمنين بالفعل ممّن أخفى إيمانه تقية ، أو الذين هم على أعتاب الدخول في الدّين ، ويحدّثون أنفسهم بالانتماء الى الرسالة.