يفرضها الدّين على أتباعه ، ومن دونها لا يكون أحد متقيا ، لأنّ للمتقي صفات وعلامات من أبرزها التزامه بقيمة التقوى في كلّ ظرف أو وضع نفسي يمرّ به ، فإذا سخط لم يخرجه سخطه عن رضى ربّه ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في سخطه ، إنّما هو ملتزم برضى الله ، يسخط لسخطه ويرضى لرضاه عزّ وجل.
وجاء في رواية عن أبي جعفر (ع): «إنّما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، والمؤمن الذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدّي وإلى ما ليس له بحق» (١).
وقال الصادق (ع): «من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب ، وإذا اشتهى ، وإذا غضب وإذا رضي ، حرّم الله جسده على النار» (٢).
وعن رسول الله (ص) قال : «ما أنفق مؤمن نفقة هي أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من قول الحقّ في الرضا والغضب» (٣).
ولعلّ الآية تشير فيما تشير إليه الى أنّ المتقي الحقيقي يزيده الله تقوى وإيمانا كلّما واجه ظرفا صعبا ، لأنّه إذا عمل آنئذ بموجب تقواه تكرّست في نفسه التقوى .. هكذا حين عمل المؤمنون حسب تقواهم ، ولم تأخذهم حمية الجاهلية ، ولم تؤثّر فيهم إثارات قريش ، وصدّهم إيّاهم عن إقامة شعائرهم ، بل قبلوا بقرارات القيادة ، حينئذ أثابهم الله على ذلك بتنمية روح التقوى في أنفسهم.
(وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)
__________________
(١) بح / ج (٧١) / ص (٣٥٨).
(٢) المصدر.
(٣) المصدر.