والمنكر ، صادقون مع الآخرين ، ملتزمون بواجباتهم .. إلخ ، لأنّ العبادة في نظرهم ليست مجرّد الركوع والسجود ، وبالتالي الوقوف عند الصلاة بذاتها ، وإنّما التحرّك في الحياة بمقتضياتها وأهدافها ، وأبرز تلك الأهداف اثنان : ابتغاء فضل الله في الدنيا ، ورضوانه في الآخرة.
(يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً)
ولكثرة صلاتهم وسجودهم بالذات والذي يمثّل قمّة الخضوع لله ، فإنّك تلحظ في جباههم أثر السجود ، ولا ريب أنّ الآثار ـ الثفنات ـ لا تظهر إلّا بالمبالغة في العبادة.
(سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)
والامام علي ـ عليه السّلام ـ يصف أصحاب رسول الله (ص) فيقول : «لقد رأيت أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله) فما أرى أحدا يشبههم منكم! لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا ، وقد باتوا سجّدا وقياما ، يراوحون بين جباههم وخدودهم ، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم! كأنّ بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم! إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبلّ جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف ، خوفا من العقاب ، ورجاء للثواب» (١).
وبيان الله لصفات أصحاب الرسول (ص) إنّما يأتي ليؤكّد الحقيقة التالية ، وهي أنّ صاحب الرسول حقّا من صحبه بقلبه وأخلاقه وقيمه ، فاقتداؤهم بالرسول جعلهم في تلك الدرجة لا مجرّد معيتهم له ، وأنت أيضا تستطيع أن تكون من أصحاب الرسول (ص) إذا تخلّقت بالأخلاق التي يذكرها القرآن ، وتشير إليها خطبة
__________________
(١) نهج / خ (٩٧).