وروى البخاري أن الآية نزلت في أبي بكر وعمر حين قدم على النبي ركب بني تميم فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع وأشار الآخر برجل آخر فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلّا خلافي فقال : ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله عزّ وجلّ الآية (١).
وروي أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أراد أن يستخلف على المدينة رجلا إذ مضى الى خيبر فأشار عليه عمر برجل آخر فنزلت الآية (٢).
وهذان الحدثان يتناسبان والحكم الثاني والثالث ، مما يشهد على أن للآية تطبيقات عديدة يجمعها النبي عن معارضة الرسول بأي صورة ما كانت.
(وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)
كانوا إذا حضروا رسول الله خاطبوه باسمه بعيدا عن جلال النبوة ، وكان المنافقون بالذات يرفعون أصواتهم ليسقطوا أبهة القيادة عن أعين الناس ـ فجاء القرآن ينهاهم عن ذلك ويعلمهم أدب الحديث مع الرسول ـ ومن خلال ذلك مع كل قيادة شرعية.
ولعل الآية تشمل النهي عن انتقاد آراء القيادة الرسالية علنا ، مما يسبب وهنا في عزيمة الأمة وتقليلا من شأن مصدر القرار.
من هنا قال البعض : إن حرمة كلام النبي اليوم كحرمته في مشهده ، فاذا قرئ على جمع كلامه وجب عليهم أن ينصتوا اليه ، لأن حديثه وحي من عند الله. ألم يقل ربّنا سبحانه : «وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» فذات
__________________
(١) تفسير القرطبي (باختصار) / ج ١٦ / ص ٣٠٣
(٢) المصدر / ص ٣٠١