كذلك معالجة مشكلة الحرب الأهلية تشهد على مدى صلاحية النظام الاجتماعي في مواجهة التحديات.
من هنا بدأ السياق بهذه المعالجة وقال :
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما)
المسؤولية الأولى إذا هي وقف الاقتتال وإقامة السلام بأية وسيلة ممكنة ، وهي مسئولية الجماهير ، لأنهم القوة الباقية بين الطائفتين. أما لو كلفنا طائفة ثالثة فقد تدخل طرفا في الاقتتال وقد لا تكون أقوى من إحداهما.
والملاحظ أولا : ان التعبير جاء بصيغة التثنية ثم الجمع ثم التثنية ، ذلك ان سبب الاقتتال يكون عادة الاختلاف بين فريقين لكل منهما خصائصه وميزاته ، والصلح يكون بين قيادتي الفريقين ، بينما ذات الاقتتال يكون بين أتباعهما ، فقد يكون المقاتلون ضحية مؤامرة قيادتهم ، وزجهم في معركة لا مصلحة لهم فيها ، بينما القيادة عند الفريقين مسئولة عن الحرب كما هي مطالبة بالصلح.
ثانيا : القرآن لم يحدثنا عن قوانين الصلح أو عن الصلح الذي يقوم على العدالة ، لأن تحقيقه في حالة الاقتتال يكاد يكون مستحيلا ، إنما طلب من الجميع العمل من أجل الصلح.
ثالثا : سمى القرآن الفريقين المتقاتلين بالمؤمنين بالرغم من ان الاقتتال ضلالة بعيدة ، مما يدل على إمكانية تورط أبناء الامة الواحدة في الحرب الأهلية بسبب الفتن والأهواء ، فلا يجوز اتهام الناس بالكفر بمجرد دخولهم الصراع مع بعضهم حتى بلغ حد الحرب ، كما لا يجوز لأحد الطرفين اتهام الطرف الآخر بالخروج عن إطار الايمان بمجرد إعلانه الحرب عليه.