الأنصار وبالذات بين الأوس والخزرج الذين بقيت على عهد النبي آثار حربهما الضروس التي طالت عقودا متطاولة حتى أخمدها الله بالإسلام.
وأكثر تلك المشاحنات التي يذكرها المفسرون في سبب نزول الآية كانت بالأيدي والنعال وجريد النخل ولا أظن أنها تسمى قتالا.
وليس غريبا أن يبين القرآن حكم موضوعة تتحقق عادة في الأمم حتى ولو لم تحدث عند نزول الكتاب ، وقد شهد المسلمون صراعا دمويا بينهم في القرن الأول من الهجرة ، مما يصلح تأويلا للآية من هنا تحدث بعض المفسرين بتفصيل عن تلك الحرب ، ونحن بدورنا نجد فائدة كبيرة بذكر جانب مما تحدثوا عنه مبتدئين ذلك بنقل ما نقله القرطبي عن القاضي أبي بكر بن العربي حيث قال :
هذه الآية أصل في قتال المسلمين ، والعمدة في حرب المتأولين ، وعليها عوّل الصحابة وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة ، وإياها عنى النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ بقوله : «تقتل عمارا الفئة الباغية» وقوله عليه السلام في شأن الخوارج : «يخرجون على خير فرقة أو على حين فرقة» والرواية الأولى أصح ، لقوله عليه السلام : «تقتلهم أولى الطائفتين الى الحق» وكان الذي قتلهم علي بن أبي طالب ومن كان معه ، فتقرر عند علماء المسلمين وثبت بدليل الدين ان عليا رضى الله عنه كان إماما ، وإنّ كل من خرج عليه باغ ، وان قتاله واجب حتى يفيء الى الحق وينقاد الى الصلح ، لأن عثمان رضى الله عنه قتل والصحابة براء من دمه ، لأنه منع من قتال من ثار عليه وقال : لا أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بالقتل ، فصبر على البلاء ، واستسلم للمحنة وفدى بنفسه الامة ، ثم لم يمكن ترك الناس سدى ، فعرضت على باقي الصحابة الذين ذكرهم (عمر) في الشورى ، وتدافعوها ، وكان علي كرّم الله وجهه أحق بها وأهلها ، فقبلها حوطة