وينشب الصراع بين طائفتين بينما كان في البدء بين فردين اثنين.
إن الإسلام قد سن تشريعات كثيرة في تنظيم العلاقة بين المؤمنين ، ولكن إذا لم نعرف الهدف الأسمى لها ولم نطبقها بحيث نبلغ ذلك الهدف المتمثل في تكريس حالة الاخوة بين المؤمنين فاننا لا ننتفع كثيرا بها ، بل علينا فوق ذلك أن نضيف الى التشريعات الدينية ممارسات خلقية وحتى لوائح قانونية لتحقيق الإصلاح .. كما ان الدين مثلا سن أحكاما كثيرة لرعاية الصحة الجسدية ، فعلينا : أولا : أن نطبقها بحيث نبلغ هذا الهدف ، وثانيا : أن نشرّع قوانين جديدة للوصول إلى ذلك الهدف ، إذا احتاجت الصحة إليها ، مثل بناء المصحات أو تطهير الشوارع أو إيجاد مراكز الحجز الصحي وما أشبه.
إن تعاليم الدين التي تخص المقاصد العامة كالصحة والإصلاح والعدالة والعزة والكرامة وما أشبه ينبغي أن نطبقها ونعطيها الأولوية بالقياس الى أحكام الدين التي تهتم بسبل تحقيق هذه المقاصد ، ولا يجوز أن نهمل هذه الأوامر وكأنها تعاليم أخلاقية عامة لا تفرض حكما.
ولعل خاتمة الآية تشير الى مدى وجوب هذا الأمر الكلي حيث يقول ربنا :
(وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
بلى. إن رحمة الله وصلواته وبركاته تتنزّل على الذين يتواصلون ويتبارون ، لأنهم يطيعون الله في أداء حقوق إخوانهم.
فقد جاء في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : «من زار أخاه في بيته قال الله عز وجل له : أنت ضيفي وزائري عليّ قراك وقد أوجبت لك الجنة بحبك إياه». (١)
__________________
(١) بحار الأنوار / ج ٧٤ / ص ٣٤٥