يقبض عنهم يدا واحدة ، وتقبض عنه منهم أيد كثيرة ، ومن محض عشيرته صدق المودة ، وبسط عليهم يده بالمعروف إذا وجده ابتغاء وجه الله ، أخلف الله له ما أنفق في دنياه ، وضاعف له الأجر في آخرته» (١).
ثانيا : أن التعارف بين الناس واحد من أهم مقاصد الشريعة الغراء ، لماذا؟ لولا معرفة الناس لما اكتملت حكمة الابتلاء في الخلق أو تدري لماذا؟ لأن الابتلاء لا يتم إلا بالحرية والمسؤولية فلو اختلط الناس ببعضهم كيف يميز الصالح فيثاب عن المجرم فيعاقب؟ أم كيف تتراكم مكاسب المحسنين وتحصن من أن يسرفها الكسالى والمجرمون؟ كلا. لا بد أن يميز الناس عن بعضهم تمييزا كافيا ليأخذ كل ذي حق حقه ، فيشجعه ذلك على المزيد من العطاء ، ويأخذ التنافس دوره في دفع عجلة الحياة قدما الى الامام.
ثالثا : إن حكمة الاختلاف هو التكامل ـ بعد التنافس على الخيرات ـ وليس الصراع والتطاحن ، وقد قال ربنا سبحانه : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» ومن دون التعارف كيف يتم التعاون ، إن على الناس أن يكتشفوا إمكانات بعضهم ليتبادلوا الخيرات ، أما إذا تقوقعت كل طائفة في حدودها الجغرافية أو الاجتماعية ولم يتعارفوا فكيف يمكن التعاون بينهم؟.
ولعل هذه البصيرة تهدينا الى أهمية التعارف بين الشعوب في عصرنا الراهن ، لأن إمكانات التعاون بينهم لا تزال غير مستغلة حتى بنسبة (١٠ خ) ولو ضاعفنا المؤسسات العالمية في كافة المجالات عشرات الأضعاف لكانت فرص التعاون لا تزال أوسع.
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)
__________________
(١) المصدر / ص ١٠١