بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم ، فقالوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : نزوج بناتنا موالينا؟ فأنزل الله عز وجل الآية. (١)
ويظهر من هذا الحديث والذي يليه مدى الصعوبة التي عاناها رسول الله في انتزاع روح العصبية من ذلك المجتمع الجاهلي المتخلف ، وقد روي عن ابن عباس أنه لما كان يوم فتح مكة أمر النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ بلالا حتى علا على ظهر الكعبة فأذن فقال عتاب بن أسير بن أبي العيص : الحمد لله الذي قبض أبي حتى لا يرى هذا اليوم ، وقال الحارث بن هشام : ما وجد محمد (ص) غير هذا الغراب الأسود حتى يؤذن له ، وقال سهيل بن عمر : إن يرد الله شيئا يغيره ، وقال أبو سفيان : اني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء ، فأتى جبرئيل النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأخبره بما قالوا : فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا فأنزل الله تعالى هذه الآية. (٢).
وحتى آخر أيامه كان النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ يكافح ضد الحمية الجاهلية ، فقد ذكر الرواة أنه خطب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بمنى في وسط أيام التشريق (حيث تجمع الحجاج من كل البلاد) وهو على بعير فقال :
«يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد ، وان أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي ، ولا لأسود على أحمر ، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى ، ألا هل بلغت؟ قالوا نعم قال ليبلغ الشاهد الغائب» (٣).
وهكذا تجاوز المسلمون السابقون عقبات التخلف الجاهلي حين تجاوزوا حواجز
__________________
(١) القرطبي / ج ١٦ / ص ٣٤١
(٢) المصدر
(٣) المصدر / ص ٣٤٢