الدم واللون والإقليم ووحدوا طاقاتهم المتشتتة تحت راية التوحيد ، وجعلوا التقوى محور تنافسهم البناء.
وقد اشتهرت عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في ذلك مقطوعة رائعة :
الناس من جهة التمثال أكفاء |
|
أبوهم آدم والأم حواء |
نفس كنفس وأرواح مشاكلة |
|
وأعظم خلفت فيهم وأعضاء |
فان يكن لهم من أصلهم حسب |
|
يفاخرون به فالطين والماء |
ما الفضل إلا لأهل العلم انهم |
|
على الهدى لم استهدى أدلاء |
وقدر كل امرء ما كان يحسنه |
|
وللرجال على الأفعال سيماء |
وضد كل امرء ما كان يجهله |
|
والجاهلون لأهل العلم أعداء (١) |
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
وتأتي هذه الخاتمة لبث السكينة في قلوب المؤمنين ألّا يقلقوا إن رأوا تكالب الناس على الدنيا وتدابرهم عن أهل التقوى ، فان الله عليم بهم وخبير وبيده أزمة الأمور وهو يكرم المتقين ، وكفى به شاهدا وكفى به مثيبا عادلا.
[١٤] لأن تجاوز الحمية الجاهلية صعب مستصعب خصوصا على الأعراب الذين عاشوا دهرا يسبّحون بأمجادهم ومفاخرهم ، فان القرآن الكريم يذكرنا بأن الايمان ليس مجرد التسليم الظاهر للدين الجديد ، بل هو تغيير عميق للشخصية يتجلى في الممارسات العملية ، ومن زعم أن بامكانه الجمع بين قيم الجاهلية والدين فانه لم يفهم معنى الدين. أو ليس الدين شفاء من أمراض الجاهلية .. وبديلا صالحا للقيم الفاسدة فكيف يجتمعان؟
__________________
(١) المصدر