الدين الحق جهاد متواصل ضد سلبيات البشر. ضد حواجز الدم واللون والأرض. ضد قيم الأنساب والتقاليد والأعراف البائدة. ضد الهوى والشهوات والجهل والتحزب .. فمن استطاع أن يخلص طاعته لله وللرسول (دون تقاليده وتراث سلفه) ، وجاهد في سبيل إصلاح مجتمعة ، فهو الذي ارتقى الى مستوى الايمان.
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا)
والفرق بينهما ان الإسلام هو التسليم للدين تسليما ظاهرا .. بقبول الشهادتين والخضوع للأحكام الشرعية ، بينما الايمان انقلاب حقيقي لنفس الإنسان.
(وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ)
تدل كلمة «لمّا» على ان من أسلم يرجى له الايمان ، ولعلها تشير أيضا الى التأخير ، مثل ثم في الإيجاب ، مما يوحي بان المسافة بين الإسلام والايمان ليست بسيطة ، وأن على الإنسان المسلم أن يقطع هذه المسافة بجهده المتوصل. فاذا كان الإسلام بمثابة القبول في معهد علمي راق ، فان الايمان هو التخرج منه بنجاح. جاء في الحديث المأثور عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الايمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان» (١).
وفي حديث آخر مروي عن الامام الصادق عليه السلام : «الايمان يشارك الإسلام ، والإسلام لا يشارك الايمان» (٢).
(وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
__________________
(١) بحار الأنوار / ج ٦٧ / ص ٦٦
(٢) المصدر / ج ٧٢ / ص ٢٣