أمام ربّه ، ولكن هذه الحقيقة الواضحة تبقى غامضة لدى الجاهلين والضالين.
(ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ)
وسيلة وغاية.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
وعدم علمهم ليس لأنهم لا يرون الآيات الهادية إلى هذه الحقيقة ، وإنّما لأنّ هذه الآيات لا تتحول في ضمائرهم وأذهانهم إلى بصيرة ، ذلك أنّ نظرتهم إلى الحياة نظرة قشرية مجرّدة ، وإنّما الذين ينظرون إليها ببصيرة الايمان يهتدون إلى لبابها الحق.
[٤٠ ـ ٤٢] وحيث ميّز الله الإنسان عن سائر خلقه بالعقل ، وكرّمه بالحرّية ، فهو مسئول أمامه عن العمل وفق الغاية التي خلق من أجلها ، فان تحمّل مسئوليته نعمه في الجنة ، وإن نكص عنها عذّبه في النار.
ومع أنّه تعالى جعل سنّة الجزاء جارية في الحياة الدنيا ، إلّا أنّها أكثر تجليّا في الآخرة ، حيث تنصب الموازين ، ويفصل بين الصالحين والأشرار.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ)
وهذا اليوم ضرورة حتمية تقتضيها عدالة الله ، وإذ يسمّيه ربنا «يوم الفصل» فلأنّه اليوم الذي يحكم فيه الحق بعيدا عن التبريرات أو التأجيل ، فهو يوم حاسم في حياة كلّ إنسان ، ويعتبر فيصلا يتقرّر فيه مصيره الأبدي.
وإذا أعطى ربّنا الحرية الكاملة للإنسان في اختيار الحق دون أن تستطيع أيّة