صدورهم ... فهم إلى أوكار الأفكار يأوون وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون ... قد كشف الغطاء عن أبصارهم ، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم ، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم ، وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم ... واطمأنت بالرجوع إلى ربّ الأرباب أنفسهم ، وتيقنت بالفوز والفلاح أرواحهم» (١) وهذا اليقين ممكن لكل إنسان لو استشار عقله واتبع هدى الرّب ، إلّا أن الغفلة ـ ومن ثم الاسترسال في الجهل والشهوات ـ كل ذلك يحجبه عن الايمان والمعرفة.
[٢٣] ويوم القيامة يرفع الله كل الحجب فاذا بالحقائق واضحة كعين الشمس لا يعتريها شك ولا ريب ، ولكن هل تنفعه المعرفة شيئا؟ ... كلا. فالكلمة حينها للشاهد الذي رافقه لحظة بلحظة ، ومصيره مرهون بما أعده وسجله عليه وله ، حيث يعرضه على الله.
(وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ)
أي معدّ بدقة وحق فهو يعتدّ به في الحساب.
[٢٤ ـ ٢٥] وعند ما توضع أعمال الإنسان في الميزان يصدر الله حكمه الحاسم في حقه ، فان ثقلت موازينه أدخل الجنة صالح البال راضي النفس ، وإن خفّت أمر الله السائق والشهيد أن يأخذانه إلى النار.
(أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ)
أنكر فضل الله ، ولم يؤد شكر نعمائه بعبادته والتسليم له.
__________________
(١) الصحيفة السجادية / طبعة دار الأضواء / ص ٤٢٠