(الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ)
المشرك ليس الذي يعتقد بإله مع الله ، بل الذي يخضع لقيادة لم يأمر بها الله فالذي يرضى عمليا بالحاكم الظالم ، أو يطيع أمره في معصية الله مشرك ، وإن لم يعتقد بأنه ربّ وإله ، كما ان من يطيع هواه فهو عابد له ، وهو بذلك يستحق العذاب ، وربنا يأمر الملكين بالقائه في جهنم.
(فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ)
والإلقاء لا يكون إلّا من الأعلى إلى الأسفل ، وإنما يفعل بأهل النار كذلك ، لأن الله خلق الإنسان في مرتبة عالية فضله بها على الكثير من خلقه ، فاذا أشرك به وانحرف عن الصراط بدأ سيرته التسافلية والإلقاء في جهنم من الأعلى إلى الأسفل هو تجل لهذه الحقيقة التي تبينها سورة التين في قوله تعالى : «(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (١) أما حينما يستمر على خط الفطرة ويتمسك بحبل الله المتمثل في رسالته وأوليائه ، ويستزيد من عمل الصالحات فانه ينطلق في مسيرة تصاعدية نحو الأعلى ، يتقرب إلى الله درجة بعد أخرى «(كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ* كِتابٌ مَرْقُومٌ* يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (٢).
[٢٧] وحيث يلقى المشرك في جهنم يظل يهوي إلى الأسفل مدة من الزمن حسب انحرافه وسيئاته إلى أن يحل في مكانه المعد له بين يدي عذاب إلهي شديد ، وهناك كما عند الحساب يلقى قرناءه عملا فيدور بينهم خصام شديد يلقي كل طرف فيه اللوم على الطرف الآخر محاولا بذلك التهرب من المسؤولية ، فاذا بالذي
__________________
(١) التين / ٤ ـ ٥
(٢) المطففين / ١٨ ـ ٢١