وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ* فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ)». (١)
[٢٩] ثانيا : إن لله سننا وقيما في هذه الحياة ، جعلها حاكمة وجعلها الميزان في كل قضية ، وعلى أساسها يكون حساب الناس ومصيرهم ، وهي ثابتة لا تتغير. ومنها ان جزاء الكافر والمشرك النار وجزاء المؤمن الجنة ، ولا يمكن أن يكون العكس وإلّا فما هي حكمة الحياة الدنيا ، وما هو دور النذر إذا لم يجعل الله للثواب والعقاب نظاما محددا؟!
(ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ)
ومن القول الثابت الذي تعنيه هذه الآية ما جاء في سورة (ص) عند ما أقسم الشيطان أن يغوي العباد فردّ الله عليه : «قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ* لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ» (٢).
ثالثا : إن العدالة الإلهية تأبى ذلك ، إذ كيف يستوي المحسن والمسيء؟! أم كيف يصير الظالم إلى جانب المظلوم في الجنة دون أن يقتص من الأول ، وربما فات الأخير الثأر في الدنيا؟! أترى من العدالة أن يدخل الجنة المانع للخير والممنوع عنه؟! أو المعتدي والمعتدى عليه؟! أترى يدخل ابن ملجم الجنة مع الامام علي وقد فجع المسلمين بقتله؟! أم يدخل يزيد الجنة مع الحسين وقد ذبحه كما تذبح الشاة وهو ابن خاتم الأنبياء ، وسيد الأوصياء ، وسيدة نساء العالمين؟! .. كلا. وحاشا لله عزّ وجلّ وهو العادل أن يفعل ذلك ، وهذا كتابه ينطق عنه قائلا :
(وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)
__________________
(١) الملك / ٨ ـ ١١
(٢) ص / ٨٤ ـ ٨٥