[٤٣ ـ ٤٦] وكنتيجة لحكم الله في يوم الفصل يحدّثنا القرآن عن صورتين متناقضتين ، وهما صورة أصحاب النار الذين يعانون ألوان العذاب ، وصورة أهل الجنة الذين يتقلّبون في نعيمها.
أمّا عن النار فانّ من أشدّ أنواع العذاب فيها شجرة تنبت في أصلها ، ويمتدّ منها غصن لكلّ شخص فيها ، اسمها الزقوم ، وهي تجسيد لذنوب أهلها وآثامهم. (١)
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ)
وحيث يشعر أهل الجحيم بشدة الجوع يبحثون عن الأكل ، فيجدونه في هذه الشجرة ، ولا يجدون بدّا من التقامه ، وبمجرّد أن يصل إلى جوفهم يصير كالرصاص والصفر المذاب تنشوي منه وجوههم حتى تسقط أشفار عيونهم ، وتتقطّع منه مصرانهم حتى يتقيّحون دما ، وربّنا يشبّه لنا الزقّوم بالمهل لتقريب المعنى إلى أذهاننا المحدودة ، وإلّا فهي أشدّ وأعظم من ذلك.
(كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)
والحميم هو الماء الحار جدّا ، وحيث يصل المعدن كالرصاص أو النحاس إلى حد من الغليان يصير فيه كالماء فانّ حرارته لا تطاق.
[٤٧] ولون آخر من العذاب يتجرّعه المجرمون حينما يأمر الله زبانية النار بسحبهم إلى وسطها وإهانتهم.
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ)
والاعتال هو السحب بغلظة وإيذاء ، وإن كان المعني من ظاهر الآية أبو جهل إذ
__________________
(١) راجع تفسيرنا للآية (٦٥) الصافات