فلما صار بالباب استأذن ، فأذن له ، فكان أول من وقع يده بيد السلطان ، فهزها وقال : أنت السلطان فارحم من فى الأرض يرحمك من فى السماء ، فما لأحد معك مشاركة ، والحاجة التى فى نفسك تقع عن قريب ، وكان حصن الدماوة يومئذ ممتنعا ، والسلطان مشتغل القلب بحصوله ، فعلم السلطان أنه كاشف عن ذلك ، واستبشر بما بشره ، وسأله الدعاء.
ثم خرج فلم يكد يقف بعد ذلك غير مدة حتى صار إليه ما كان أضمره.
ومن غريب ما ذكر عن هذا السيد أنه وصل إلى عدن مركب من الهند ، وأخبر الناخوذا كافور أنه مر بالبحر والسراق قد أحاطوا بالمركبين له ، وهم معهما فى القتال شديد ، وقال المخبرون لكافور : يخشى أنهما يغلبان ، وتعب الناخوذا من ذلك ، وتقدم إلى الشريف وأخبره ، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه ، وقال : لا تخش يا كافور ، قد غلب السراق ومركباك مقبلان يجريان كفرسى رهان ، وفى غد يأتيك البشير بهما قبل صلاة الجمعة ، فكان كما قال الشريف.
ثم إن الشريف سافر بعائلته إلى مكة ، فأكرمه صاحبها ، وهو يومئذ أبو نمى الشريف المشهور ، ولم يزل عنده حتى توفى بمكة ، ولم أتحقق له تاريخا. انتهى.
٢٩٧٤ ـ أبو فكيهة (١) :
مولى لبنى عبد الدار ، يقال : إنه من الأزد ، أسلم بمكة ، وكان يعذب ليرجع عن دينه فيأبى ، وكان قوم من بنى عبد الدار يخرجونه نصف النهار فى حر شديد فى قيد من حديد ولا (٣) يلبس ثيابا ويبطح فى الرمضاء ، ثم يؤتى بالصخرة فتوضع على ظهره حتى لا يعقل ، فلم يزل كذلك حتى هاجر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أرض الحبشة ، فخرج معهم رضى الله عنهم فى الهجرة الثانية.
__________________
٢٩٧٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٣١٥٧ ، الإصابة ترجمة ١٠٣٩٧ ، أسد الغابة ترجمة ٦١٦٧).
(١) قال ابن إسحاق : أبو فكيهة اسمه يسار مولى صفوان بن أمية بن محرث انظر : (الاستيعاب ترجمة ٣١٥٧).
(٢) ما بين المعقوفتين غير مثبت فى الأصل. وأوردناه من الاستيعاب.