حارثة بن شراحيل حين فقده قال (١) :
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل |
|
أحيّ فيرجى أم أتى دونه الأجل |
فو الله ما أدري وإن كنت سائلا |
|
أغالك (٢) سهل الأرض أم غالك الجبل |
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة |
|
فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل (٣) |
تذكّرنيه الشمس عند طلوعها |
|
وتعرض ذكراه إذا قارب الطّفل (٤) |
وإن هبّت الأرواح هيّجن ذكره |
|
فيا طول ما حزني عليه وما وجل |
سأعمل نص العيش (٥) في الأرض جاهدا |
|
ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل |
حياتي أو تأتي عليّ منيّتي |
|
وكل امرئ فان وإن غرّه الأمل |
وأوصي به قيسا وعمرا كليهما |
|
وأوصي يزيدا ثمّ من بعدهم جبل |
يعني جبلة بن حارثة أخا زيد ، وكان أكبر من زيد ، ويعني يزيد أخا زيد لأمه ، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل ، قال : فحج ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه ، فقال : أبلغوا أهل هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي ؛ وقال (٦) :
ألكني (٧) إلى قومي وإن كنت نائيا |
|
بأني فطين (٨) بالبيت عند المشاعر |
فكفّوا من الوجد الذي قد شجاكم |
|
ولا تعملوا في الأرض نصّ الأباعر |
فإني بحمد الله في خير أسرة |
|
كرام معدّ كابرا بعد كابر |
قال : فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه فقال : ابني ورب الكعبة ، ووصفوا له موضعه وعند من هو ، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه وقدما مكة ، فسألا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقيل : هو في المسجد ، فدخلا عليه فقالا : يا ابن عبد الله ، يا ابن عبد المطلب ، يا ابن
__________________
(١) الأبيات في طبقات ابن سعد ٣ / ٤١ وسيرة ابن هشام ١ / ٢٦٥ والاستيعاب ١ / ٥٤٦ وأسد الغابة ٢ / ١٢٩ ـ ١٣٠ والوافي بالوفيات ١٥ / ٢٧.
(٢) غال : أهلك.
(٣) بجل بمعنى حسب.
(٤) الطفل ساعة الغروب ، يقال : طفلت الشمس للغروب : دنت منه وفي سيرة ابن هشام : إذا غربها أفل.
(٥) في المصادر : «العيس» وهي الإبل ، والنص : استخراج أقصى ما لديها من السير.
(٦) الأبيات في الاستيعاب وابن سعد وأسد الغابة.
(٧) كذا بالأصل ، وعلى هامشه : «أحن» ، وهي عبارة الاستيعاب وأسد الغابة.
(٨) كذا ، وفي ابن سعد : «قطين» ، وفي الاستيعاب وأسد الغابة : قصيد.