قال ابن قتيبة وقال الشاعر في مثله :
وما أبالي إذا ضيفي تضيّفني |
|
ما كان عندي إذا أعطيت مجهودي |
جهد المقلّ إذا أعطاك مصطبرا |
|
ومكثر من غنيّ سيان في الجود |
وأنشد :
أفسدت بالمنّ ما أسديت من حسن |
|
ليس الكريم إذا أسدى بمنّان |
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن أبي الحسن رشأ بن نظيف ونقلته من خطه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت الكاتب ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى الصّولي ، نا ثعلب ، عن ابن شبيب ، نا الزّبير هو ابن بكّار ، حدّثني إبراهيم بن المنذر الحزامي ، عن أبي عمرو (١) المديني قال :
عرضت لي إلى سلم بن قتيبة حاجة ، وهو والي البصرة ، فلقيت بعض أصحابه فسألته القيام بها فضمنها ، ومكثت اختلف إلى باب سلم أياما والرجل يمطلني ، ويذكر أن الكلام في الحاجة لا يمكن ، فبينا أنا بالباب ذات يوم إذ خرج سلم راكبا فوقعت عينه عليّ ، وقد كانت بيني وبينه مودة متقدمة ، فدعا بي فقال : أتطالب قبلنا شيئا يا أبا عمرو؟ فقلت : حاجتي حمّلتها فلانا مذ أيام ، فقال : إن كنت لأظن أنك أحزم مما أرى ، إذا كانت لك إلى رجل حاجة فلا تحملنها من له قبله طعمة ، فإنه لن يؤثرك على طعمته ، ولا تحملنها كذابا ، فإن الكذاب يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب ، ولا تحملنها أحمق فإنه يجهد لك نفسه ، ثم لا يصنع شيئا. قال : ثم أمر بقضاء حاجتي.
أنبأنا أبو محمّد المبارك بن أحمد بن بركة الكندي ، نا عاصم بن الحسن ، أنا أبو الحسين بن بشران ـ إجازة ـ أنا الحسين بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني عبد الرّحمن بن عبد الله الباهلي ، عن عمه ، قال : قال سلم بن قتيبة :
لا تترك حاجتك بكذاب فإنه يبعدها وهي قريبة ويقربها وهي بعيدة ، ولا برجل له عند قوم أكل فانه يجعل حاجتك وقاء لحاجته ، ولا إلى أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن هبة الله ، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ،
__________________
(١) بالأصل هنا : «عمر» وسترد أثناء الخبر صوابا «عمرو» والمثبت عن م.