قالا : أنا أبو الخطاب عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حمدان الشوكي الخطيب ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن جعفر بن محمّد الوافقي (١) المعروف بالخالع ، أنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، أنا أبو العباس المبرّد ، عن العتبي ، عن أبيه قال : أتى رجل سلم بن قتيبة فمثل بين يديه ثم قال : إني والله ما وقفت هذا الموقف حتى بعت دابتي وسرجه وسيفي وحليته ، ثم ميزت فوقع الاختيار عليك ، قال : فأطرق سلم ثم رفع رأسه وهو يقول :
ترى المرء أحيانا إذا قلّ ماله |
|
من الخير ساعات فما يستطيعها |
وما إن به بخل ولكنّ ماله |
|
يقصّر عنها والغنيّ يضيعها |
إن شئت فاصبر حتى يأتي رزقي ، فأشاطركه ، وإن شئت كتبت لك كتبا. قال : فقال : إني والله ما أحب أن أشفه رزقك على عيالك ، ولكن تكتب لي ، قال : فكتب له كتبا أغناه بأدناها.
وقد رويت هذه الحكاية من وجه آخر عن المبرّد ، عن المازني ، عن الأصمعي بهذا المعنى إلّا أنه قيل في آخرها : إن أمت شاطرتك وإن شئت واسيتك قال : المواساة ، فأمر له بمائة دينار.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سيبخت البغدادي ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العباس الصوفي ، حدّثني أبو محلم ، حدّثني سعدان بن سلام الكاتب ـ وكان من أفاضل الناس ـ حدّثني أبي قال :
قال لي إسحاق الموصلي ، وركب يحيى بن خالد يوما فمرّ بجماعة من إخوان أبيه فسلّم عليهم ، وكان ممن مرّ به سلم بن قتيبة فصادف عنده غرماء له ، فلما رجع إلى أبيه خالد قال : من لقيت؟ قال : فلانا وفلانا ، وسلم بن قتيبة ، فوجدت عنده غرماء له قال : فعرفت قدر دينه؟ قال : نعم عشرة آلاف درهم ، قال : احملها إليه من فورك هذا ، فحملها إليه فلما وضعها بين يديه وقص الخبر عليه قال : افتحوها ففتحت فأقبل يحفن (٢) منها حفنة بعد حفنة ويفرقها على جلسائه وأصحابه حتى أنفذها فرجع يحيى إلى أبيه
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل. وفي م : الرافقي.
(٢) الحفن أخذك الشيء براحتيك والأصابع مضمومة ، أو الجرف بكلتا اليدين. (القاموس).