التفاف بساتينها وانتظام قراها مسيرة يومين. وقال ابن حوقل : وما حول معرة نسرين من القرى أعذاء ليس بجميع نواحيها ماء جار ولا عين ، وكذلك أكثر ما بجميع جند قنسرين أعذاء ومياههم من السماء. وقالوا : اشتهرت الفرزل في البقاع بزبيبها الجوزاني ، وكان يعمل به الملبن المسمى بجلد الفرس وهو من خصائصها ، وأن بعلبك معدن الأعناب والحولة معدن الأقطان والأزهار ، واشتهرت بيسان بالنخيل الكثير كما اشتهرت بيروت وآبل بقصب السكر ، يطبخ بها السكر الفائق ، وعراق الأمير بسفرجلها ، والناعمة بخرنوبها الفائق. وقال المقدسي : إن عسقلان معدن الجميز وأريحا معدن النيل والنخيل كثيرة الموز والأرطاب والريحان. ومعان معدن الحبوب والأنعام ، ويبنى معدن التين الفائق الدمشقي. وأن أشجار جبال فلسطين زيتون وتين وجميز وسائر الفواكه أقل من ذلك. وقال : خير العسل ما رعى السعتر بإيليا وجبل عاملة وأجود المري ما عمل بأريحا ، وأن عنب القدس خطير وليس لمعنقتها نظير.
وذكر ابن حوقل أن أهل زغر يلقحون كرومهم وكروم فلسطين كما يلقح النخل بالطلع الذكر وكما يلقح أهل المغرب تينهم بأذكارهم. وقالوا : إن لبنان كثير الأشجار والثمار المباحة يتعبد فيه أقوام قد بنوا لأنفسهم بيوتا من القش يأكلون من تلك المباحات ، ويرتفقون بما يحملون منها إلى المدن من القصب الفارسي والمرسين وغير ذلك.
وقال شيخ الربوة : ولجبل لبنان ولا سيما بقضيبه وأذياله نحو من تسعين عقارا ونباتا نافعا مباحا بلا ثمن وله قيمة جيدة وثمن يكتفي به الجابي الجامع طول سنته له ولأهله ، ومن ذلك الكثيراء والريباس والبرباريس والقاوينا وهو عود الصليب والقيسه والبقس والقبقب الذي يعملون منه المرامل والملاعق والآلات المموهة بالذهب والفضة ويحمل إلى سائر البلاد والأقاليم ، وليس عملا ألطف منه ولا أحسن ، ومن النباتات أيضا شجر المحمودة والاشتوان والزراوند والحماما التي لا توجد إلا في إقليم دمشق وهو معلق في شقيف عال ما يقدرون على جنيه إلا أن يدلوا جانبه بحبال من رأس جبل عال ، كما يدلى الدلو في البئر ، وهي لأجل الترياق الفاروق والراوندان واللوز المر والحلو والأبهل والقراصيا والزيزفون ، وأما الفواكه فكثيرة جدا بلبنان ا ه.