ثانيا ـ ليست سواحل الشام أنقص شأنا من الغور من الوجهة المذكورة فمعدل الحرارة في حيفا ويافا وبيروت قلما يقل عن ٥٠ ، ٢٠ درجة ولهذا يجود في الساحل كثير من النباتات التي تتطلب حرارة عظيمة كالقطن مثلا لكنه لا بد من إسقائه في كلا الإقليمين.
أما السهول ففي بعضها من الحرارة ما يكفي لنجاح القطن وهي التي لا تعلو كثيرا عن سطح البحر مثل مرج ابن عامر وسهل الغاب شمالي حماة وسهل العمق وإدلب ، ويجب الري إلا في إدلب والعمق. أما في السهول المرتفعة كالغوطة وحوران والبقاع فالقطن ينتج محصولا متوسطا إلا أنه لا يجد من الحرارة ما يكفي لتفتح كل ثماره. ولهذا قد لا يأتي زرعه فيها بفائدة من الوجهة الاقتصادية والواجب أن لا يحل القطن مكان القنب في الغوطة مطلقا. هذا ومن العبث البحث في زرع الأقطان في إقليم الجبال كسهل الزبداني وسفوح سنير وغيرها لأن نصف ثماره لا يتفتح هنالك لقلة الحرارة. هذا ومن العبث أيضا البحث في تعميم زرعه في سهول البلقاء وحوران ووادي العجم وحمص وحماة وحلب الشرقية في البعل من الأرض ، لقلة الأمطار السنوية واختلاف مجموعها بين سنة وأخرى وإن نجحت زراعته بلا ري في بعض قرى حوران كقرية الحراك في وادي الزيدي ضربت مثلا بها لأنها مجتمع مياه أرضية وحالة كهذه لا تصلح للقياس.
ثالثا ـ ليست مقادير الأمطار واحدة في مختلف مناطق الشام. فأغزرها في السواحل دائما. فقد دلتنا قوائم رصد الجو في مرصد الجامعة الأميركية في بيروت على أن ارتفاع الأمطار السنوية فيها لا يقل عن ٧٠٠ ميليمتر في أكثر السنين وأنه يبلغ ٩٠٠ ميليمتر أحيانا وهو رقم كبير. وتثبت أن ارتفاع الأمطار في حيفا ويافا يزيد على ٥٥٠ ميليمتر في أكثر السنين. وهكذا في باقي سواحل الشام ، وفي المناطق القريبة من الساحل. أما السهول الداخلية وهي أعظم المناطق شأنا وأغناها تربة وأوسعها مساحة ، فارتفاع أمطارها يختلف بين ٢٠٠ و ٥٠٠ ميليمتر في السنين العادية. ولما كان ارتفاع المطر الضروري لتكوين محصول متوسط من الحبوب الشتوية لا يقل عن ٢٥٠ ميليمتر اتضح أن منتوجات الحبوب في تلك السهول تختلف اختلافا كبيرا من سنة إلى أخرى ، تبعا لمقادير المطر المنهمر ولتواريخ هطله في خلال السنة. وأمطار غوطة دمشق قليلة ، فقد قستها