وفي القدس معمل للقيشاني أو البلاط الملون. ومن الصناعات الجديدة صنعة لفائف التبغ تصنع منها كميات مهمة في حمانا وبكفيا وزحلة وبعض قرى بيروت الساحلية وتعمل منها كميات عظيمة في فلسطين ودمشق وحلب. وقد استفادت فلسطين في الأيام الأخيرة من الإكثار من زرع الدخان استفادة عظيمة وأخذت تصنع من اللفائف ما يقوم بحاجتها وتبيع منه إلى الخارج. ومنها صناعة الطباعة وصنع الصور والحفر على النحاس والزنك وفي بيروت أحسن مصانعها ودمشق تقلدها. ومن الصناعات المحدثة صنع الجليد وأهم معامله في بيروت وحلب وطرابلس وصيدا واللاذقية ودمشق وحيفا ويافا والقدس وهو يقوم مقام الثلج الطبيعي في التبريد. وكان الثلج السماوي يدخر إلى آخر أشهر الصيف بحاله وكان هذا ينقل في القرون الوسطى على البغال من صيدا وطرابلس إلى قلعة الجبل بالقاهرة في ثلاثة أيام لتبريد المياه في قصر الملك وعظماء الدولة هناك. وفي حيفا معمل للاسمنت المسلح يستخرج من حجر الجبل المتاخم لها ومعمل للبنزين والسبيرتو. وقد أنشئ معملان للاسمنت أحدهما في شقة قرب طرابلس والآخر في دمر قرب دمشق ونجحا نجاحا باهرا. وفي كل من عكا ويافا معمل للثقاب (الكبريت) ومثله في دمشق. وأهم ما دخل مجددا من الصناعات صناعة الجوخ في دمشق أنشئ لصنعه معملان أحدهما شرقي المدينة والآخر غربيها ، وأنشئ فيها معمل لحفظ الفواكه والثمار والبقول نجح نجاحا كبيرا ، وأسس في حلب معمل عظيم للنسيج أتى بأعظم الأرباح وسد حاجة البلاد في الحرب الأخيرة.
هذه أهم الصنائع الشامية وغالب الصناعات «تتبدل عليها أيدي الصناع من الواحد بعد الواحد إلى أن ينيف على عشرة صناع حتى يتم» وقد أفاض صاحب قاموس الصناعات الشامية بتعداد هذه الصنائع والحرف في دمشق خاصة على اختلاف اسمائها وضروبها فبلغت نحو ٣٤٠ حرفة وصناعة. ولابن الصائغ الدمشقي منظومة في ثلاثة آلاف بيت في الصنائع قال ابن جماعة : واعلم أن هذه الصنائع استخرجها الحكماء بحكمتهم ثم تعلم الناس منهم بعضها وصارت وراثة من الحكماء للعلماء ، ومن العلماء للمتعلمين ، ومن الأستاذين للتلامذة ، ومن التلامذة للصناع. وكان ولا يزال لكل حرفة زعيم أو نقيب أو شيخ أو