الشام ومصر ولم تكن انقطعت منها كل الانقطاع من قبل ، فهاجر كثير من العلماء من عاصمة العراق إلى دمشق والقاهرة. وفي هذا القرن تعينت المسالك العلمية وكثر الإخصائيون وتنوعت العلوم وتوفر المشتغلون بها وأنبغ الشام طبقة عالية عدّت تآليفهم من الأمهات في خزانة كتب الأمة العربية ، ومرجعا ثقة للأخلاف اقتبسوها من أعمال الأسلاف. فمن المؤرخين عمر بن أبي جرادة الحلبي العقيلي المعروف بابن العديم صاحب تاريخ حلب (٦٦٠) وهو كمال الدين عمر بن الصاحب السعيد قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد بن الصاحب السعيد قاضي قضاة جمال الدين أبي غانم هبة الله بن قاضي القضاة مجد الدين أبي عبد الله محمد ابن قاضي القضاة جمال الدين أبي الفضل هبة الله ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة. بيت تسلسل فيه العلم خمسة بطون كانوا أجداد كمال الدين عمر أكرم به من بيت فضيلة وعلم. ومن مفاخر هذا القرن بحلب علي بن يوسف القفطي المعروف بالقاضي الأكرم أحد الكتاب المشهورين المبرزين في النظم والنثر وله تآليف أكثرها في التاريخ والأدب (٦٤٦) وكان يقوم بعلوم من اللغة والنحو والفقه والحديث وعلوم القرآن والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل ومن كتبه المطبوعة مختصر تاريخ الحكماء. وياقوت الرومي الحموي الجغرافي المؤرخ الرحالة صاحب معجم البلدان ومعجم الأدباء والمشترك وغيرها من الكتب الممتعة المنقحة المطبوعة (٦٢٦) وفي حماة إبراهيم بن أبي الدم صاحب التاريخ الكبير المظفري في الملة الإسلامية (٦٤٢) وقام فيها عبد الرحيم البارزي قاضي حماة وابن قاضيها وأبو قاضيها. وفي حماة أيضا علم الدين قيصر المعروف بتعاسيف المهندس الرياضي (٦٤٢) والقاضي جمال الدين بن واصل (٦٩٧) كان إماما مبرزا في علوم كثيرة مثل المنطق والهندسة والأصول والهيئة ألف تاريخا في أخبار بني أيوب وله عدة مصنفات منها الانبرورية في المنطق صنعها للانبرور ملك الإفرنج صاحب صقلية وانبولية وأنكبردة لما توجه إليه رسولا في أيام الظاهر بيبرس سنة (٦٥٩). ونبغ من المهندسين إبراهيم بن غنائم المهندس باني المدرسة الظاهرية الجوانية بدمشق ، واسمه لا يزال منقوشا على يسار الداخل إليها في زاوية المدخل ، وهو الذي هندس القصر الأبلق