رأينا كثيرا ولا سيما في مصر والشام التصقوا بالصحافة وأنفقوا ثرواتهم في سبيلها فلم ينجحوا، ورجعوا بعد العناء الطويل وخسارة المال صفر الأيدي خائبين ، لأن مائدة العلم لا يجلس إليها طفيلي ، ولأن التمويه إن صعب في عمل فهو في الأعمال العلمية أصعب ...
«ولقد شاهدنا عيانا أن معظم الصحف التي كتب لها البقاء في هذين القطرين الشقيقين خاصة هي التي قام بأعبائها أناس متعلمون تخرجوا في الكتابة وتدربوا في السياسة وتذوقوا لماظة من العلوم التي لا يسع صاحب جريدة ومجلة جهلها. ومعظم من لم يخادنهم التوفيق أخفقوا لأسباب ناشئة من ضعفهم وقلة معارفهم في صناعة يلزمها ما يلزم لكل صانع من الأدوات إن لم نقل إنها تتوقف على أدوات أكثر. ولو كان قومنا يبالغون في انتقاء الرجال للأعمال ، لوضع في قانوننا بند يلزم كل من تصدّر لمعاناة صناعة القلم ، أن يمتحن في الفن الذي يخوض عبابه ، كما يمتحن المتطببون والصيادلة ، فإنشاء الصحف إن لم يكن أحق بالعناية من معرفة الأمراض والعلل والعقاقير ، فلا أقل من أن يكون على مستواها ، فكم من جاهل قتل نفسا زكية ، ومن صحافي جرع قراءه السم الزعاف ، على حين ينتظر منه الترياق النافع».
هذا ما قلناه ونزيد عليه أن الإخصاء أو الاختصاص العلة الأولى في نجاح الغرب في صحافته يجب أن يكون له في صحفنا المقام المحمود ، وفي اليوم الذي أصبحت فيه توسد في مصر أعمال الصحافة إلى أمثال هؤلاء من الحقوقيين والكتاب والسياسيين دخلت مصر في حياة جديدة ، وهذا قريب المنال على الشام التي كان لبعض أبنائها خدمة تشكر في تاريخ الآداب والصحافة. ومن أهم مجلاتنا التي تصدر في الشام «المشرق» «مجلة المجمع العلمي العربي» «المجلة الطبية» «مجلة المعهد الطبي» ومن المجلات المحتجبة «الرئيس» «الطبيب» «المقتبس» «الآثار» «الكلية» «الحارس» «الخدر» «المرأة الجديدة» ومن صحفنا اليومية «لسان الحال» «الأحرار» «القبس» «ألف باء» «فتى العرب» «الرأي العام» «البلاغ» «الاستقلال» «الجوائب» «فلسطين» «العهد الجديد» «البرق» «الأحوال» «النهار» «النضال» «الكفاح» «الأيام» إلى ما هنالك من جرائد أسبوعية ومنها الجدي والهزلي المصوّر وغير ذلك.