قال : محمد صلىاللهعليهوسلم أبتر ، فأنزل الله عزوجل (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(١).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمد الحسن بن علي ، أنا محمد بن العبّاس ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، نا يحيى بن سعيد بن دينار ، قال : بينا عبد الله بن جعفر ذات ليلة عند معاوية بالخضراء بدمشق إذ ورد على معاوية كتاب غمّه من حسن بن علي فضرب به الأرض ، ثم قال : من يعذرني من ابن أبي تراب؟ والله لهممت أن أفعل به وأفعل ، قال : فجعل عبد الله بن جعفر يجيبه بنحو ما يشتهي ويداريه حتى قام فانصرف ، قال : وكانت بينهما خوخة (٢) فلما صار إلى منزله دعا برواحله فقعد عليها وخرج من ساعته متوجها إلى المدينة ، قال : ودخل معاوية على امرأته ابنة قرظة مغتمّا ، فقال : ما ذا صنعت الليلة يا ابن جعفر؟ فخشيت (٣) عليه وأسمعته في ابن عمّه ما يكره ، وحال ابن جعفر حاله وحبّه لنا ومودته إيانا (٤) ، فقالت : بئس والله ما صنعت ، ما أقبح ما أتيت إليه. فبات ليلته مغتما يتذكر صنيعه به ، ولا يأخذه النوم حتى أسحر فقام فتوضّأ وقال : والله لا ينبهه من فراشي غيري ، فمشى إليه ، فدخل منزله ، فإذا ليس فيه أحد فسأل عنه فقيل له : رحل إلى المدينة ساعة جاء من عندك ، فبعث في أثره وقال : أدركوه ، فردّوه ولو دخل منزله فلحقوه فردّوه إليه ، فجعل معاوية يعتذر إليه ويقول : لا والله ، لا تسمع مني أمرا تكرهه أبدا ، وأخبره باغتمامه بما كان منه تلك الليلة وقال : قد أقطعتك ووهبت لك كل شيء مررت به في مسيرك ، قال : وقد كان مرّ بإبل وغنم كثيرة لمعاوية ، فأمر بها فقبضها وذهب ما كان في نفسه.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده ـ أنا محمد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا الجريري (٥) ، حدّثني عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمد بن الحسين ، نا داود بن محمد ، عن سوادة بن أبي الأسود ، عن شهر بن حوشب : أن رجلا عطبت راحلته فأتى أمير المدينة
__________________
(١) سورة الكوثر ، الآية : ٣.
(٢) الخوخة : باب صغير كالنافذة الكبيرة ، وتكون بين بيتين ، ينصب عليها باب (اللسان : خوخ).
(٣) في المطبوعة : فخافت عليه.
(٤) هذا كلام معاوية.
(٥) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٢٣٧.