بالمائدة ، وأكلت معه ، وكان صيفا شديد الحر ، وقام لينام فدخل البواب ، فقال : القاضي ابن الأشناني قد جاء ، فقمت إلى القاضي ابن زبر فأخبرته ، فقال : يدخل هذا مهم ، فلمّا دخل صاح يهنيك أيها القاضي عزل علي بن عيسى ، وقبض عليه ، فقال : أي شيء السبب؟ فقال : رقعة رفعت بأن رجلا صالحا رأى رؤيا كذا ، فقال أمير المؤمنين المقتدر : هذه رؤيا صحيحة ، يصرف ويقبض عليه ، فأمر القاضي ابن زبر أن يسرج له ، وركب هو وابن الأشناني ، فلما كان عند العتمة وافى ومعه عهده على القضاء بمصر ودمشق ، وكان من أوسع الناس حيلة ، وأحذقهم بأخذ دينار ودرهم وهدية ، في حسن مس وأهنأ حاجة ، ولا يمس هدية أو بقضاء حاجة صاحبها ، وكان كثير الحديث واسعه ، وحدث بمصر عن جماعة منهم بضعة عشر من أصحاب سفيان بن عيينة ، وبضعة عشر من أصحاب الأصمعي ، وكانت مجالسه حفلة عامرة يملي ويقرأ عليه. وصنّف أجزاء كثيرة ، ولم يزل ينظر في القضاء بمصر إلى يوم الجمعة لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، فإنه صرف بمروان بن إبراهيم بن حمّاد ، فورد كتاب هارون بن إبراهيم مع كتاب الصرف إلى أخيه أبي عثمان فكانت أيام ابن زبر هذه ستة أشهر.
قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد بن الغمر ، أنا أبو سليمان بن زبر قال : سنة تسع وعشرين وثلاثمائة يوم الاثنين لثلاث خلون من شهر ربيع الأول توفي ـ أبي بالفسطاط بعد صلاة الغداة وقت طلوع الشمس رحمهالله ورضي عنه.
قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين (١) الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق في الدفعة الثانية أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن خالد بن عبد الرّحمن بن زبر القاضي وهو من أهل بيت العلم ، وعبد الله بن العلاء بن زبر الذي يروي عنه الوليد بن مسلم ـ هو ابن عمّ جده ـ وكان قد ولي (٢) قضاء مصر مرارا ، ومات بمصر وهو قاض (٣) عليها في ربيع الآخر من سنة تسع
__________________
(١) عن م وبالأصل : أبي الحسن.
(٢) كذا العبارة بالأصل وم ، وفي المطبوعة : ولي قضاء دمشق ثم ولي قضاء مصر.
(٣) في م : قاضي.