البالغة مائة وعشرين ميلا بنصف تلك المدة لو كانت لدينا جمال سريعة. إضافة إلى ذلك فإن سيرنا البطيء خلال حرارة الجو القائظ في هذا الفصل هو الذي شكل الجزء الأكثر إرهاقا من رحلتنا.
الثالث من مايو / أيار : بعد أن اكتشفت السفينة أمرنا في ساعة مبكرة من هذا الصباح ، أرسل إلينا قارب على الفور وبعد أن ازدادت قوتنا بوجود طاقمها ، سوينا أمورنا مع البدو دون مطالب إضافية وفي غضون دقائق قليلة أصبحنا على ظهر السفينة حيث تلقينا التهاني بسبب عودتنا. وقد راودت طاقم السفينة الكثير من المخاوف على سلامتنا عند ما عرفوا بأن (حمد) لم يرافقنا في رحلتنا.
ولم نقدر مدى المخاطرة الكبرى التي تعرضنا لها في رحلتنا إلا بعد فترة من ذلك. فبعد أن أدرك (بنو ذييب) أننا قد مررنا بأراضيهم ، انتظروا عودتنا على أمل أن نسلك نفس الطريق. إلا أن السفينة توقفت في محطة ثانية على بعد عشرين ميل غربي المحطة الأولى ، ولدى تلقي الأخبار عدنا إليها بطريق آخر مباشر. ويمكن تصور فكرة الاستقبال الذي قدّر لنا من خلال هذه الحادثة بعد بضعة أيام ، كان أحد قواربنا راسيا بالقرب من الشاطئ. وظهرت مجموعة من أبناء هذه القبيلة وسددت بنادقها عليه وأطلقت النار. فرد المسؤول على الفور إلّا أن أحدا لم يصب.
إن النجاح الذي لقيته رحلتنا القصيرة إلى الداخل سيثبت أنه إغراء للآخرين كي يتابعوا أبحاثنا. ولو كنت في وضع مختلف لتوجهت إلى (حبّان) على الطريق الذي تقع فيه قرية (عزّان) وآثار تساوي في عظمتها آثار (نقب الهجر). ولكن بصرف النظر عن هذه النصب القديمة ـ التي تكفي في حد ذاتها للتعويض عن المغامرة ـ فإن طبيعة السكان وأوضاعهم وحرفهم وإنتاج البلاد ومصادرها الطبيعية وطبيعتها تشكل موضوعات مثيرة للاهتمام ومن شأنها بلا شك أن تشبع فضول كل أوروبي يريد زيارتها.
ولاستمرار البحث ، لا أعتقد أن هناك ما هو أكثر ضرورة لأي فرد من رسالة موجهة من الحكومة البريطانية إلى شيخ (حبّان) ، وهناك يمكن توفير أحد الحرس لمرافقته من ساحل البحر ومن هناك يستطيع الذهاب إلى الشيخ التالي برسالة مماثلة.
إن مثل هذا الشخص إذا ما انتحل صفة المسلم أو الطبيب وضحى بكل أنواع الراحة الأوروبية ، فإنه يستطيع بلا أدنى ريب أن يتغلغل إلى أعماق هذه البلاد المدهشة.