الفصل السابع
بديه
الخميس ، العاشر من ديسمبر / كانون الأول : غادرت مضارب (بني بو علي) صباح هذا اليوم قبيل الظهيرة. طلب مني الرجال العودة مرة أخرى وقضاء شهر وإياهم ووعدوا إن جئت ببناء بيت «يشبه بيوت الهند» والسهر على راحتي وطلبت النساء نفس الشيء ورافقتني القبيلة برمتها حتى ضواحي قرية (بني بو حسن). وقال (سلطان) الصغير : «لو زرتنا في السنة القادمة ، سيكون أبي قد عاد من مكة وسأرافقك مع مجموعة من رجالك ومن بدو (جنبة) حتى حدود المهرة». وعدته بذلك إن سنحت الظروف وبعد مصافحة الجميع ، وهي من عاداتنا التي تعلموها (١) ، افترقنا والأسى يرتسم على وجوه الطرفين. إنني لا أستطيع نسيان المودة الصادقة التي عرفتها من هؤلاء الناس البسطاء وسأظل أتذكر الأسبوع الذي أمضيته وإياهم ومع جيرانهم باعتباره من أحسن أيام رحلاتي.
وفي الساعة الواحدة والنصف اجتزنا حدود قبيلة بني بو حسن. لا يوجد سوى عدد قليل من البيوت المتناثرة هنا كما هو الحال في أرض بني بو علي وقد شيدت هذه على نموذج فظ وتبدو صغيرة. ويقطن السكان في أكواخ مختلفة الأشكال مشيدة بسعف النخيل. دخلنا الآن واديا ضحلا يدعى وادي (Betha) تنتشر على جانبيه أشجار الغاف والسمر التي تنتج كميات كبيرة من الصمغ. كما تنتشر أيضا أشجار النبق في قعر الوادي وبكميات كبيرة. ويبدو للناظر كوخ بدوي من تحت الأشجار بينما تحدق بعض القطعان وهي ترعى الكلأ الذي ينمو تحتها.
في الساعة الرابعة والنصف مررنا ببلدة الكامل وفي الساعة السابعة توقفنا لقضاء الليلة وسط بعض المنحدرات الرملية التي يبلغ ارتفاعها خمسين قدما. كانت الليلة صافية والجو نقيا والنجوم متلألئة على نحو ساطع لا تجد له مثيلا حتى في مصر ، ولاحظت أن هذا الشيء
__________________
(*) كذا ينسب عادة المصافحة لقومه مما يدل على محدودية فهمه.