منطقة من ذهب ، وعليه قلائد من ذهب مرصّعة بالجواهر ، فلما دخلوا به على عمر ، قام ابن ذي النّمر الخزاعي فقال : يا أمير المؤمنين ، إن الناس إلى ذمّ المحسنين (١) أقرب منهم إلى ذم المسيء ، وإن والينا خير وال ، يأخذ منا الحق أغنى ما نكون عنده ، ويعطيناه (٢) أحوج ما نكون إليه. أسد بالنهار ، راهب بالليل ، يأكل الطعام أزهدنا ، ويلبس ثياب أفقرنا ، يقاتل قتال الصعلوك ، ويسوس سياسة الملوك ، فجزاك الله عنّا فيه خيرا ، وأجزأه عنا فيك خيرا ، ثم أنشأ يقول :
قدمنا المدينة بالهرمزان |
|
عليه القلائد والمنطقة |
يزفّ إليك زفاف العروس |
|
على بغلة سهوة (٣) معتقه |
قد أنزل الله من حصنه |
|
على الحكم أرجوك أن تعتقه |
وذا الأشعري لنا والد |
|
وأمّ بنا برّة مشفقه |
تهيئ المهاد لأولادها |
|
وتنفض عن لطفها المرفقة |
ترى الوجه منه طليقا لنا |
|
ونلقاه بالأوجه المشرقة |
فلسنا نريد به غيره |
|
عليه الجماعة مستوسقه |
فلا تشمتنّ بنا حاسدا |
|
رماه بأسهمه المفرقة |
قال : فأشرق وجه عمر سرورا بكلامه.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، حدّثني عمّار ، عن سلمة ، عن ابن (٤) إسحاق قال : وسار أبو موسى في أهل البصرة من نهاوند ، ففتح (٥) أصبهان سنة ثلاث (٦) وعشرين.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، نا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا سنان بن فرّوخ الأبلّي ، نا سليمان بن المغيرة ، نا حميد
__________________
(١) في ل وتهذيب الكمال : المحسن.
(٢) بالأصل : «أعني ما يكون ... وتعطيناه ... يكون ... وتلبس ... تقاتل ... وتسوس» والحرف الأول في هذه الكلمات بدون إعجام ، والمثبت عن تهذيب الكمال.
(٣) السهوة : يقال بغلة سهوة السير ، هي الناقة اللينة السير لا تتعب راكبها (اللسان).
(٤) عن ل ، وبالأصل : أبي.
(٥) عن ل وسير الأعلام ٢ / ٣٩١ وبالأصل : يفتح.
(٦) بالأصل : ثلاثة.