موسى : فقمت على صدر السفينة فقلت : من أنت ، ومن أين أنت؟ أوما ترى ما نحن فيه (١) ، أنستطيع وقوفا ، فأجابني الصوت : ألا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه؟ قال : قلت : بلى ، أخبرنا ، قال : فإنّ الله قضى على نفسه أنه من عطّش نفسه لله في يوم حار كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة قال : فكان أبو موسى يتوخى ذلك اليوم الحار ، الشديد الحرّ الذي يكاد أن ينسلخ فيه الإنسان فيصومه.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا ابن المبارك (٢) ، أنا حمّاد بن سلمة ، عن واصل مولى أبي (٣) عيينة ، عن لقيط أبي المغيرة ، عن أبي بردة :
أن أبا موسى الأشعري كان في سفينة في البحر مرفوع شراعها ، فإذا رجل يقول : يا أهل السفينة قفوا ـ سبع مرات ـ فقلنا : ألا ترى على أي حالة نحن؟ فقال في السابعة : قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه ، إنّ الله قضى على نفسه أنه من عطّش نفسه في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر كان حقيقا على الله أن يرويه يوم القيامة ، فكان أبو موسى الأشعري يبتغي [اليوم](٤) المعمعاني (٥) الشديد الحرّ فيصومه (٦).
أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ـ رحمهالله ـ قال :
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل الفراوي ، أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أنبأ محمّد بن عبد الله الحافظ ، ومحمّد بن أحمد العطّار ، قالا : نا أبو (٧) العباس محمّد بن يعقوب ، نا أبو عثمان سعيد بن محمّد الجحواني ، نا وكيع بن الجرّاح عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال :
خرجنا مع أبي موسى في غزاة ، فجنّنا الليل إلى سكن (٨) خرب ، فقام فصلّى ، وقرأ قراءة حسنة ، وقال : اللهمّ أنت المؤمن تحب المؤمن ، وأنت المهيمن تحبّ المهيمن ، وأنت السلام تحبّ السلام.
__________________
(١) في الحلية : أوما ترى أين نحن وهل نستطيع وقوفا.
(٢) الخبر في كتاب الزهد والرقائق لابن المبارك ص ٤٦١.
(٣) بالأصل ول : «ابن عيينة» خطأ والصواب ما أثبت ، انظر ما مرّ بشأنه قريبا.
(٤) ليست بالأصل وأضيفت عن ل.
(٥) يوم معمعان ومعمعاني : شديد الحر.
(٦) زيد في ل : آخر السابع والسبعين بعد المائتين.
(٧) بالأصل : أبا.
(٨) في ل وسير الأعلام ٢ / ٣٩٣ بستان خرب.