في هيئة رثّة ، فدخلت على الليث بن سعد ، فلمّا فرغت من مجلسه خرجت ، فتبعني خادم له في دهليزه فقال : اجلس حتى أخرج إليك ، فجلست ، فلمّا خرج إليّ وأنا وحدي دفع إليّ صرة فيها مائة دينار ، فقال : يقول لك مولاي أصلح بهذه النفقة أمرك ، ولم من شعثك.
وكان في حوزتي (١) هميان (٢) فيه ألف دينار ، فأخرجت (٣) الهميان فقلت : أنا عنها في غنى ، استأذن لي على الشيخ ، فاستأذن لي ، فدخلت فأخبرته بنسبي فاعتذرت إليه من ردّها وأخبرته بما معي (٤) ، فقال : هذه صلة وليست بصدقة ، فقلت : أكره أن أعوّد نفسي عادة وأنا في غنى ، فقال : ادفعها إلى بعض أصحاب الحديث ممن تراه مستحقا لها ، فلم يزل بي حتى أخذتها ، ففرّقتها على جماعة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت إسماعيل بن محمّد الشّعراني يقول : سمعت جدي يقول : سمعت علي بن خشرم يقول : سمعت منصور بن عمّار يقول : لما مرض ابن لهيعة مرضه الذي مات فيه دخل عليه الليث بن سعد فقال له : ما تشتكي؟ قال : الدّين ، قال : كم دينك؟ قال : ألف دينار ، فأتى فأعطاه إياه ، قال : ولي القضاء ثلاثين سنة لم يستحل أن يغرس ريحانة يشمها.
قال : وأنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو حامد المقرئ ، حدّثنا أبو عيسى الترمذي ، قال : سمعت قتيبة يقول :
كان الليث يركب في جميع الصلوات إلى مسجد الجامع ، ويتصدّق كلّ يوم على ثلاثمائة مسكين (٥).
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرّحمن بن أحمد الأشرف المروزي بدمشق ، أنبأنا أبو نصر هبة الله بن عبد الجبّار بن فاخر بن معاذ بن أحمد السّجزي ـ بسجستان ـ أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن علي الخازن المقرئ ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن الحسين النيسابوري ـ بمصر ـ أنبأنا أبو محمّد الحسن بن رشيق العسكري ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين المصعبي
__________________
(١) إعجامها بالأصل ، وم ، ود ، وت مضطرب ، والمثبت عن حلية الأولياء. وفي سير أعلام النبلاء : «حزتي» وهو يصح أيضا : والحزة : الحجزة ، وهو موضع شد السراويل والإزار.
(٢) الهميان : بكسر الهاء وسكون الميم هميان الدراهم الذي تجعل فيه النفقة.
(٣) الأصل : فأخبرت ، والمثبت عن م ، ود ، وت ، والحلية.
(٤) في حلية الأولياء : مضى.
(٥) سير أعلام النبلاء ٨ / ١٥٨.