فقال له عبد الملك : يغفر الله لك يا كثيّر ، وأين الاخوان؟ غير اني أنا الذي أقول (١) :
صديقك حين تستغني كثير |
|
وما لك عند فقرك من صديق |
فلا تنكر على أحد إذا ما |
|
طوى عنك الزيارة عند ضيق |
وكنت إذا الصديق أراد غيظي |
|
على حنق (٢) وأشرقني بريقي |
غفرت ذنوبه وصفحت عنه |
|
مخافة أن أكون بلا صديق |
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب بن علي ، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال : قرئ على أحمد بن جعفر ، أنبأنا الفضل بن الحباب ، حدّثنا محمّد بن سلّام (٣) ، أخبرني أبان بن عثمان البجلي قال :
دخل كثيّر على عبد الملك فأنشده مدحته التي يقول فيها (٤) :
على ابن أبي العاص دلاص حصينة |
|
أجاد المسدّي سردها وأذالها |
فقال له عبد الملك : أفلا قلت كما قال الأعشى لقيس بن معدي كرب (٥) :
وإذا تجيء كتيبة ملمومة |
|
شهباء (٦) يخشى الذائدون نهالها |
كنت المقدّم غير لابس جنّة |
|
بالسيف تضرب معلما أبطالها |
فقال : يا أمير المؤمنين وصفه بالخرق ووصفتك بالحزم.
أنبأنا أبو الفضل محمّد بن ناصر ، أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن أبي الصقر ، أنبأنا القاضي أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن الفضل بن نظيف ، أنبأنا الشريف أبو جعفر محمّد بن عبد الله بن طاهر بن يحيى الحسيني ويعرف بمسلّم (٧) ، حدّثني جدي طاهر بن يحيى ، حدّثني أبي ، حدّثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني أبو الحسن المدائني قال :
دخل كثيّر بن عبد الرّحمن على عبد الملك فأنشده القصيدة التي يقول فيها :
على ابن أبي العاص دلاص حصينة |
|
أجاد المسدّي سردها وأذالها |
__________________
(١) الأبيات في ديوان كثير ص ١٣٥.
(٢) رسمها بالأصل : «حنفى» وفي م : «حمد» والمثبت عن «ز» ، والديوان والجليس الصالح.
(٣) الخبر والشعر في طبقات فحول الشعراء ص ١٦٧.
(٤) ديوان كثير من قصيدة يمدح عبد الملك بن مروان ص ١٥٠ رقمه ٥٩.
(٥) ديوان الأعشى من قصيدة يمدح قيس بن معدي كرب (ط بيروت) ص ١٥٠ و ١٥٤.
(٦) عجزه في الديوان : خرساء تغشي من يذود نهالها.
(٧) ضبطت بتشديد اللام عن «ز».