الستارة ذات يوم فقال : أيّكم يغني هذا الصوت :
يا ربع سلمى لقد هيّجت لي حزنا (١) |
|
زدت الفؤاد على علاته نصبا (٢)(٣) |
فقلت : أنا ، فقال : غنّه ، فغنّيته ، فقال : عليّ بهرثمة (٤) ، فجزع كلّ واحد منّا ، وقلنا : ما معنى هرثمة بعقب هذا الصوت ، فجاء هرثمة يجر سيفه ، فقال له الرشيد : ما كانت كنية مخارق الشاري الذي قتلناه قريبا؟ قال هرثمة : كنيته أبو المثنى ، فقال له : انصرف ، وأقبل الرشيد فقال : قد كنيتك يا مخارق أبا المهنّى لإحسانك في هذا الصوت ، وأمر بإحضار مائة ألف درهم ، فوضعت بين يدي ، وقال : أعد ، فأعدته ، وانصرفت (٥) بالكنية وبمائة ألف درهم.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني (٦) في نسخة من كتاب ألّفه أبو حشيشة (٧) قال :
أول من سمعني من الخلفاء المأمون وهو بدمشق ، وصفني له مخارق ، فأمر لي بخمسة (٨) آلاف درهم أتجهز بها ، فلمّا وصلت إليه أدناني ، وأعجب بي ، وقال للمعتصم : هذا [ابن](٩) من خدمك وخدم آباءك (١٠) وأجدادك يا أبا إسحاق ، كان جدّ هذا أمية كاتب جدّك المهدي على كتابة السر ، وبيت المال ، والخاتم ، وحجّ المهدي أربع حجج وكان هذا زميله فيها كلها ، واشتهى المأمون من غنائي :
كان ينهى فنهى حين انتهى |
|
وانجلت عنه غيابات الصبى |
خلع الهمّ وأضحى مسبلا |
|
للنهى فضل قميص وردا |
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «حربا» وفي الأغاني : طربا.
(٢) في الأغاني : وصبا.
(٣) زيد في الأغاني :
ربع تبدل ممن كان يسكنه |
|
عفر الظباء وظلمانا به عصبا |
(٤) يعني هرثمة بن أعين.
(٥) بالأصل وم ود ، و «ز» : «وانصرف» والمثبت عن الأغاني وفيها : فانصرفت.
(٦) الخبر في الأغاني ٢٣ / ٧٨.
(٧) أبو حشيشة لقب غلب على محمد بن أمية بن أبي أمية ، وكنيته أبو جعفر.
(٨) في الأغاني : بخمسين ألف درهم.
(٩) سقطت من الأصل ود ، وتحرفت في م و «ز» إلى : «ان» والمثبت عن الأغاني.
(١٠) في الأصل ود وم والأغاني : «آبائك» والتصويب عن «ز».