صلىاللهعليهوسلم نخامة إلّا وقعت في كف رجل منهم فذلك بها وجهه وجلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له.
فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ، والله إن يتنخم نخامة إلّا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، فإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه. وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.
فقال رجل من كنانة : دعوني آته ، فقالوا : ائته ، فلما أشرف على النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها إليه» واستقبله القوم بلبون ، فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت. فرجع إلى أصحابه فقال : رأيت البدن قد قلّدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت.
فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص ، فقال : دعوني آته ، فقالوا : ائته ، فلما أشرف عليهم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «هذا مكرز ، وهذا رجل فاجر» (١) فجاءه ، فجعل يكلم النبي صلىاللهعليهوسلم ، فبينما هو يكلمه إذا جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر : فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل قال النبي صلىاللهعليهوسلم «قد سهل لكم من أمركم».
قال الزهري في حديثه :
فجاء سهيل بن عمرو ، فقال : هات اكتب بيننا وبينك كتابا ، فدعي الكاتب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل : أما الرحمن فو الله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب : باسمك اللهم ، كما كنت تكتب ، فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اكتب باسمك اللهم» ثم قال : «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم» فقال سهيل [بن عمرو] : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، اكتب : محمد بن عبد الله»
__________________
(١) في مغازي الواقدي : إن هذا رجل غادر.