قال الزهري : وذلك لقوله : لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلّا أعطيتهم إياها.
فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «على أن تخلّوا بيننا وبين البيت فنطوف به» فقال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن لك من العام المقبل ، فكتب. فقال سهيل : وعلى أن يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلّا رددته إلينا ، فقال المسلمون : سبحان الله ، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده ، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل : هذا ـ يا محمد ـ أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنا لم نقض الكتاب بعد» قال : فو الله إنا لا نصالحك إذا على شيء أبدا. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فأجره لي» قال : ما أنا بمجيره لك. قال : «بلى فافعل» قال : ما أنا بفاعل. قال مكرز : بلى قد أجرناه لك ، قال أبو جندل : يا معشر المسلمين ، أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلما؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ ـ وقد عذب عذابا شديدا في الله ـ فقال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلّا يومئذ ، فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقلت : يا رسول الله ، ألست نبي الله؟ قال : «بلى» قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال : «بلى» قال : قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال : «إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري» قلت : ألست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال : «بلى» قال : «أوأخبرتك أنك تأتيه العام؟» قلت : لا ، قال : «فإنك آتيه ومطوف به» قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت : يا أبا بكر أليس هذا نبي الله؟ قال بلى. قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال : بلى. قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال : أيها الرجل ، إنه رسول الله ، وليس يعصي ربه ، وهو ناصره. فاستمسك بغرزه حتى تموت ، فو الله إنه لعلى الحق ، قلت : أوليس كان يحدثنا أنا نأتي البيت ونطوف به؟. قال : بلى ، أفأخبرك أنا نأتيه العام؟ قلت : لا ، قال : فإنّك آتيه ومعطوف به. قال الزهري : قال عمر : فعملت لذلك أعمالا.
قال : فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قوموا فانحروا ، ثم احلقوا» قال : فوا الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس. قالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ، ثم لا تكلم أحدا منهم [كلمة حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك ، فقام ، فخرج ، فلم يكلم أحدا منهم](١) حتى فعل ذلك ، فنحر بدنه ، ودعا حالقه ، فحلق ، فلما رأوا ذلك قاموا
__________________
(١) الزيادة لازمة للإيضاح عن د.